قمة كوب 30 وتحديات الطاقة السلبية.. هل نحن جاهزون؟

بين وعود براقة ووقائع صادمة، يدخل العالم العد التنازلي نحو مؤتمر الأطراف الثلاثين للمناخ COP30 المقرر انعقاده في البرازيل نوفمبر من العام الحالي 2025، يحمل هذا المؤتمر آمالاً متجددة في عالم أنهكته الكوارث المناخية، ويواجه تصاعداً في درجات الحرارة، وتفاقماً في الظواهر الجوية المتطرفة، وسط فجوة آخذة في الاتساع بين الخطابات السياسية والالتزامات الفعلية.
بدأت سلسلة مؤتمرات الأطراف (COP) منذ عام 1995 تحت مظلة الأمم المتحدة لمتابعة تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC)، وشكّلت قمة كيوتو 1997 علامة فارقة بإقرار بروتوكول كيوتو، أول اتفاق دولي يُلزم الدول المتقدمة بخفض انبعاثاتها، لاحقاً جاءت قمة باريس 2015 (COP21) لتضع رؤية عالمية تهدف إلى إبقاء الاحترار العالمي تحت 1.5 درجة مئوية مقارنة بعصر ما قبل الصناعة.
فجوة التمويل والموقف الرافضمن أكبر الأزمات التي تعرقل التقدم المناخي هي أزمة التمويل المناخي، إذ تعهّدت الدول الغنية عام 2009 بتقديم 100 مليار دولار سنوياً لمساعدة الدول النامية على التكيف وخفض الانبعاثات. لكن هذا الالتزام لم يُنفّذ بالكامل، بل إن دولاً كأستراليا والولايات المتحدة في مراحل سابقة اتخذت مواقف مناوئة للتمويل، بينما انسحب الرئيس الأميركي وقتها دونالد ترامب من اتفاق باريس قبل أن تعود إدارة بايدن إليه، ثم مغادرته مرة أخرى في ولاية ترامب الثانية.اللافت للنظر أن فجوة الثقة بين الشمال والجنوب تتسع مع مرور الوقت؛ فالخسائر والأضرار التي تتكبّدها دول الجنوب، من فيضانات إلى جفاف وحرائق، تُقدّر بمليارات الدولارات سنوياً، في حين يتلكأ العالم المتقدم في تعويض تلك الدول أو دعم مشاريع التكيّف والتحول للطاقة النظيفة.محطات الطاقة السلبية.. الحلم المؤجلفي خضم كل هذه التحديات، تبرز محطات الطاقة السلبية، أو تقنيات إزالة الكربون من الجو (مثل احتجاز الكربون وتخزينه أو التوسع في الغابات)، كأحد الحلول الواعدة، إلا أن هذه التقنيات ما تزال في طور التجريب أو غير قابلة للتطبيق على نطاق واسع، خاصة في الدول النامية التي تفتقر للتمويل والبنية التحتية.ما المنتظر من COP30 في البرازيل؟انعقاد كوب 30 في البرازيل، أكبر بلد غابي في العالم وموطن غابات الأمازون التي توصف برئة الأرض، له رمزية كبيرة، ينتظر العالم من هذه القمة أن تكون نقطة تحول، ليس فقط في تجديد الالتزامات، بل في وضع آليات ملزمة للتمويل والمساءلة، خصوصاً في ما يتعلق بآلية الخسائر والأضرار التي أُقرت في شرم الشيخ (COP27) وتبلورت في الإمارات (COP28)، لكنها ما تزال قيد التفاوض من حيث التمويل والتطبيق، وبدا ذلك بقوة في (COP29) بباكو.كما يتوقع أن تعيد القمة البرازيلية النقاش حول العدالة المناخية، وحق الدول النامية في التنمية، دون أن تُفرض عليها أعباء غير عادلة، بينما تستمر الدول الصناعية الكبرى في تلويث الكوكب بأعلى وتيرة.هل نحن مستعدون لكوب 30؟الاستعداد لـCOP30 لا يعني فقط تجهيز الوفود وخطابات القادة، بل يتطلب استعداداً فكرياً واقتصادياً وسياسياً حقيقياً لتغيير المسار، نحن بحاجة إلى إرادة جماعية تتجاوز حدود الجغرافيا والمصالح الضيقة ومحطات الطاقة السلبية، فكوكب الأرض الذي يعيش عصراً من الجحيم لم يعد يتحمل الوعود بل ينتظر أفعالاً حقيقية.