لماذا تأخر سوق الأسهم السعودي عن التعافي مع الأسواق العالمية؟

لماذا تأخر سوق الأسهم السعودي عن التعافي مع الأسواق العالمية؟

تحليل: هل القلق من العجز المالي يمنع الاقتصاد من جني ثمار الإصلاح؟في وقت تشهد فيه الأسواق العالمية والإقليمية موجة من التعافي المدفوع بتراجع معدلات الفائدة وثقة متزايدة في استقرار النمو، يبرز سؤال محيّر في الأوساط الاقتصادية: لماذا لم يواكب السوق المالي السعودي (تداول) هذا الانتعاش؟ 
رغم البيانات الإيجابية التي تضمنها تقرير صندوق النقد الدولي الأخير حول السعودية، والتي أشادت بقوة الاقتصاد غير النفطي واستقرار المؤشرات الكلية، فإن سوق الأسهم لم يُظهر ذات الحماسة، بل بقي متأرجحاً، يعكس شيئاً من الحذر وربما القلق. فما الذي يحدث؟
الاقتصاد ينمو.. لكن الحذر المالي يهيمن
أظهر تقرير صندوق النقد الدولي الصادر في يونيو 2025 أن السعودية حققت نمواً قوياً في الاقتصاد غير النفطي بلغ 4.2% في 2024، وتسارع إلى نحو 4.9% في الربع الأول من 2025، كما انخفض معدل البطالة بين السعوديين إلى 7%، واستقر التضخم عند 2.3%.بالمقابل، ورغم هذه الأرقام الإيجابية، أبدت الحكومة السعودية استعدادها لخفض الإنفاق العام في حال تراجعت أسعار النفط أكثر، في محاولة للسيطرة على العجز المالي الذي بلغ نحو 4.3% من الناتج المحلي في 2024.هذا التوجه أثار ملاحظات من صندوق النقد، الذي شدد على ضرورة عدم خفض الإنفاق الهيكلي المرتبط برؤية 2030، داعياً إلى إدارة العجز ضمن خطة مالية متوسطة المدى، بدلاً من الاستجابة الفورية لأي تغيرات في أسعار النفط.المستثمرون يقرأون الإشارات.. ويُحجمونالأسواق المالية بطبيعتها لا تتفاعل فقط مع البيانات، بل مع الإشارات النفسية والسياسات العامة، وعندما تلوّح الحكومة بخفض الإنفاق في مواجهة تقلب أسعار النفط، فإن الرسالة التي تصل للمستثمرين –المحليين والدوليين– هي أن الدولة ما زالت مربوطة بإيقاع النفط، حتى وهي تقود أضخم عملية تحول اقتصادي في تاريخها.وهذا التناقض قد يكون من أسباب عزوف المستثمرين عن رفع التقييمات في سوق الأسهم، خصوصاً في القطاعات المرتبطة بالإنفاق الحكومي مثل البناء، والصناعة، والبنية التحتية، والخدمات العامة.في المقابل استفادت أسواق خليجية مجاورة، مثل أبوظبي وقطر، من تصاعد الإنفاق الاستثماري والإشارات الإيجابية حول استمرار مشاريع البنية التحتية والاقتصاد الرقمي، ما شجع تدفقات استثمارية أوسع.ثلاث رسائل تحتاجها السوق السعودية الآنالتأكيد على التزام الإنفاق التحويليتعزيز أدوات التمويل البديلةتفعيل دور السياسة المالية كأداة استقرار، لا تقشفالخلاصة: القوة الاقتصادية لا تكفي وحدهاالمملكة العربية السعودية تقف اليوم على أرضية اقتصادية قوية، تشهد تطوراً ملموساً في تنويع مصادر الدخل وتحسين سوق العمل، لكن ما لم تُرفق هذه القوة بثقة واضحة في استمرارية الإنفاق التنموي واستقلاله عن النفط، ستبقى الأسواق المالية حذرة، والاستثمار الخاص في حالة ترقب.وقد يكون من المناسب في هذه المرحلة أن تتطور السياسات المالية من الاستجابة الدورية لأسعار النفط نحو نهج أكثر استقرارًا واستقلالًا، بما يعكس نضج الاقتصاد وتقدمه في مسار التنويع. فالمستقبل الاقتصادي للمملكة يعتمد ليس فقط على النمو، بل على قدرتها على الثبات في وجه التقلبات. مصدر رسمي:“The authorities noted that they are ready to adjust spending if oil prices fall further to limit the impact on fiscal deficits and debt.” –صندوق النقد الدولي، بيان ختامي  لمشاورات المادة الرابعة مع السعودية– يونيو 2025 تم إعداد هذه المقالة لصالح CNN الاقتصادية، والآراء الواردة فيها تمثّل آراء الكاتب فقط ولا تعكس أو تمثّل بأي شكل من الأشكال آراء أو وجهات نظر أو مواقف شبكة CNN الاقتصادية.