ليبرلاند: دولة بلا أراضي و735 ألف شخص ينتظرون الحصول على جواز السفر!

في زمنٍ تزداد فيه قيود التنقّل، ويشتد فيه الصراع على الحدود، هناك من يحلم بدولة، لا تملك حدوداً أصلاً، لا جيش، لا بنوك، لا اعتراف دولياً. ومع ذلك؟ لديها جواز سفر، علم، نظام حكم، ورئيس وزراء.
فما قصة هذه الدولة “الوهمية”؟ ولماذا دفع الآلاف آلاف الدولارات ليصبحوا “مواطنين” فيها؟ وما حقيقة الدور الذي يلعبه مؤسس عملة TRON، جاستن صن، داخل هذا الكيان المثير للجدل؟
عام 2015، وعلى ضفاف نهر الدانوب، أعلن السياسي الليبرالي التشيكي فيت جيدليتشكا قيام جمهورية ليبرلاند الحرة، الرقعة صغيرة (٧ كلم²) وغير مأهولة، وتقع في منطقة لم تُعلن أي دولة سيادتها عليها، ما دفع جيدليتشكا لوصفها بـ”أرض بلا مالك”.هناك زرع علماً، وضع دستوراً، وبدأ بتوزيع جنسيات وجوازات سفر افتراضية، على أمل تأسيس أول دولة ليبرتارية بالكامل.لا اعتراف رسمياً.. ولكن آلاف الطلباتمنذ اليوم الأول، واجه المشروع معارضة شديدة من كرواتيا، التي اعتقلت المؤسس عدة مرات وكل من حاول دخول الأرض، ورغم ذلك لم يتوقّف الاهتمام الشعبي.اليوم، تؤكد “الحكومة” أن 1200 شخص حصلوا على الجنسية مقابل ما يصل إلى 10,000 دولار أميركي للجواز، فيما ينتظر 735 ألف شخص البتّ في طلباتهم.دولة على البلوك تشين.. بعملة بيتكوينلا توجد بنوك تقليدية في ليبرلاند، كل شيء يتم من خلال العملات المشفّرة، فأكثر من 99% من الاحتياطات المالية محفوظة بالبيتكوين، وإيرادات الدولة عام 2023 وصلت إلى 1.5 مليون دولار جُمعت من بيع الجوازات، وإقامات إلكترونية، وطوابع رقمية.لا ضرائب.. فقط نقاط للحكمنظام الحكم يُدار بالكامل عبر البلوك تشين، لا توجد حكومة مركزية تقليدية، بل نظام يعتمد على ما يُعرف بـMerits: نقاط أو عملة داخلية يكسبها المواطن مقابل مساهمته في الدولة، من تقديم خدمة تقنية إلى دعم مشروع رقمي.كلما جمعت أكثر، زادت قوة صوتك في التصويت على السياسات، هذه الحوكمة اللامركزية هي ما يميّز “ليبرلاند” عن أي كيان آخر.جاستن صن.. رئيس وزراء دولة غير معترف بهافي خطوة أثارت الانتباه في عالم العملات المشفّرة، عُيّن مؤسس شبكة TRON، الملياردير الصيني جاستن صن، رئيساً لوزراء ليبرلاند في أبريل 2024.صن، المعروف بدعمه الحماسي للأنظمة المالية اللامركزية، اعتُبر وجهاً مثالياً لقيادة هذا المشروع، رغم رمزية المنصب، فإن وجوده منح ليبرلاند زخماً عالمياً، وربط المشروع بشكل مباشر بأوساط “الويب 3” والعملات الرقمية.لماذا لا تُعد دولة قانونياً؟رغم كل ما سبق، تفتقر ليبرلاند إلى الشروط الأربعة الأساسية المنصوص عليها في اتفاقية مونتيفيديو (1933) لتعريف الدولة:1. أرض ذات سيطرة فعلية2. شعب مستقر3. حكومة فاعلة4. قدرة على عقد علاقات دوليةوبالتالي، لا تزال ليبرلاند كياناً غير معترف به، لا على الصعيد الجغرافي ولا القانوني. ظاهرة عابرة أم نواة لمستقبل جديد؟حتى اليوم، لا تحظى ليبرلاند بأي اعتراف رسمي من الدول أو المنظمات الدولية، ولا تمتلك مقوّمات الدولة المنصوص عليها في اتفاقية مونتيفيديو لعام 1933، من أرض تحت سيطرة فعلية إلى حكومة فاعلة وسكان مستقرين.ومع ذلك، يواصل المشروع جذب اهتمام الأفراد والمؤسسات المهتمة بالحوكمة الرقمية والنماذج البديلة للسيادة، مستفيداً من تقنيات البلوك تشين والعملات المشفّرة لابتكار نموذج مختلف عن الدولة التقليدية.وجود أكثر من 735 ألف طلب جنسية، وتعيين شخصيات معروفة مثل جاستن صن في مناصب قيادية، يعكس حجم التفاعل العالمي مع هذا الكيان، سواء كمنصة افتراضية، أو تجربة تنظيمية خارج الإطار المألوف.ويُبقي هذا الواقع ليبرلاند ضمن نطاق النقاش القانوني والتقني حول معايير قيام الدولة وحدودها في العصر الرقمي.فما بين منتقدين يعتبرونها مشروع نصب إلكتروني، ومؤيدين يرون فيها تجربة سياسية وفلسفية لامركزية، تبقى ليبرلاند حالة استثنائية.