تسارع هروب المليارديرات: فريدريكسن يطرح قصره في لندن للبيع بسعر 337 مليون دولار

في أحدث فصول موجة «هجرة الأثرياء» من المملكة المتحدة، قرر الملياردير النرويجي- القبرصي جون فريدريكسن، أحد أغنى رجال الأعمال في بريطانيا، عرض قصره العريق الواقع في منطقة تشيلسي الراقية بلندن للبيع بسعر يُقدّر بـ337 مليون دولار، أي ما يعادل 250 مليون جنيه إسترليني. جاء القرار بعد تصريح مثير للجدل لفريدريكسن قال فيه إن «بريطانيا ذهبت إلى الجحيم»، محمّلاً التغييرات الضريبية مسؤولية مغادرته البلاد.
كما أنهى خدمات أكثر من 12 موظفاً منزلياً ويُجري جولات عرض خاصة للممتلك.
يرتبط قرار فريدريكسن بموجة غضب بين الأثرياء في بريطانيا عقب إلغاء الحكومة نظام الإقامة غير الدائمة (non-domicile)، والذي كان يُمكّن غير البريطانيين من دفع ضرائب فقط على الدخل المتولد داخل البلاد، وبعد انتقاله إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، قال فريدريكسن إن «العالم الغربي بأكمله في طريقه إلى الانحدار».
موجة مغادرة غير مسبوقة للأثرياء
تشير بيانات شركة «هينلي آند بارتنرز» المأخوذة من قِبل «نيو ويلث ورلد»، إلى أن بريطانيا على وشك خسارة 16,500 مليونير خلال عام 2025 وحده، لتتصدر بذلك قائمة الدول التي تشهد أعلى هجرة للأثرياء حول العالم. رغم كون المملكة المتحدة خامس أغنى دولة من حيث عدد الأفراد ذوي الثروات العالية، بما يفوق مليون دولار، فإنها الوحيدة ضمن العشر الكبار التي تُسجّل نمواً سلبياً في عدد المليونيرات خلال العقد الأخير.من بين الأسباب التي دفعت الأثرياء للمغادرة هي زيادات ضريبية تشمل ضريبة التركات، وفرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 15% على الرسوم المدرسية الخاصة، وتغييرات جذرية في نظام الضرائب المرتبط بالإقامة.وقد شملت قائمة المغادرين مؤخراً رجال أعمال بارزين مثل الملياردير المصري ناصف ساويرس، مالك نادي أستون فيلا، والمستثمر الألماني كريستيان أنجرماير، الذين انضموا إلى موجة إعادة تموضع الأثرياء عالمياً.
الإمارات تتصدّر الوجهات الجاذبة للأثرياء في 2025
تتصدّر دولة الإمارات قائمة الدول التي تستقطب المليونيرات هذا العام، إذ يُتوقّع انتقال 9,800 مليونير إليها خلال 2025 وحده، بثروات إجمالية تتجاوز 63 مليار دولار.يعكس هذا التدفق الهائل للثروات نجاح الدولة في ترسيخ مكانتها كوجهة آمنة ومغريّة للاستثمار والعيش، في ظل بيئة سياسية مستقرة، وبنية تحتية مالية وتشريعية متطوّرة، وسياسات ضريبية مرنة لا تفرض ضرائب على الدخل الشخصي.معظم هؤلاء الوافدين هم من رجال أعمال، ومستثمرين، وأصحاب شركات ناشئة من أوروبا وآسيا، يبحثون عن بيئة ديناميكية تساعدهم على تنمية ثرواتهم بعيداً عن التشريعات المقيدة أو الضرائب المرهِقة.إن عام 2025 لا يثبت فقط أن هجرة الثروات مستمرة، بل يؤكد أن وجهاتها تتغيّر بشكل جذري، فبينما تفقد بريطانيا مكانتها، تظهر الإمارات، والولايات المتحدة، وإيطاليا كلاعبين جدد في خريطة الثروات العالمية، هذا التحول يتطلب من الدول مراجعة سياساتها المالية والضريبية، لأن الأثرياء لم يعودوا فقط يحملون ثرواتهم معهم، بل أيضاً ينقلون معها تأثيراً اقتصادياً بالغاً على الأسواق التي يرحلون عنها والتي يستقرون فيها.الخلاصة، قصر «ذا أولد ريكيتوري» بُني في عشرينيات القرن الثامن عشر، وكان مقراً لكاهن كنيسة تشيلسي التاريخية، تم ترميمه بالكامل في التسعينيات وبيع لأول مرة عام 1995 للملياردير اليوناني ثيودور أنجيلوبولوس مقابل 30 مليون دولار، ليبقى لفترة طويلة الأغلى في تاريخ لندن حتى استحوذ عليه فريدريكسن عام 2001.أصبحت بريطانيا التي لطالما كانت ملاذاً للأثرياء، الآن بيئة طاردة لهم. موجة المغادرة التي تشهدها البلاد لا تنفصل عن سياق دولي أوسع يعيد رسم خريطة الثروات العالمية، ويمنح الأفضلية لوجهات مثل الإمارات والسعودية وسويسرا، فهل تستعيد بريطانيا جاذبيتها، أم أن هجرة الأثرياء ستستمر وتُضعف مكانتها الاقتصادية مستقبلاً؟