اقتصاد الصين يواجه تنافساً قاسياً بين الشركات المصنعة وسط إقبال حكومي على تقليل التخفيضات الكبيرة

اقتصاد الصين يواجه تنافساً قاسياً بين الشركات المصنعة وسط إقبال حكومي على تقليل التخفيضات الكبيرة

يُثير خطاب الصين المُتشدد ضد حروب الأسعار بين المُنتجين توقعات بأن بكين ستستهدف تخفيض الطاقة الإنتاجية الصناعية، في حملة طال انتظارها ضد تباطؤ النمو الاقتصادي.

تحديات مختلفة

يقول خبراء الاقتصاد إن مكافحة الانكماش هذه المرة ستكون أكثر تعقيداً بكثير، وتُشكل مخاطر على التوظيف والنمو، خاصةً مع اندلاع الحرب التجارية مع الولايات المتحدة، والتي بدورها تشعل المزيد من حروب الأسعار، وتتسبب في تقليص أرباح المصانع.
تشمل التحديات التي لم تواجهها بكين في العقد الماضي ارتفاع نسبة الملكية الخاصة، وعدم اتساق الحوافز على المستويين المحلي (داخل الإقليم) والوطني، ومحدودية خيارات التحفيز في القطاعات الاقتصادية الأخرى لاستيعاب فقدان الوظائف الناتج عن أي تخفيضات في الطاقة الإنتاجية.تعتبر بكين التوظيف مفتاح الاستقرار الاجتماعي، ولكن المصدرين، وحتى القطاع العام، قد بدؤوا بالفعل في تسريح العمال وخفض الأجور، وبلغ معدل البطالة بين الشباب 14.5 في المئة، كما انخفضت أسعار المنتجين للشهر الثالث والثلاثين على التوالي في يونيو.قال هي-لينغ شي، أستاذ الاقتصاد في جامعة موناش في ملبورن «هذه الجولة من إصلاحات جانب العرض أصعب بكثير من جولة عام 2015»، وأضاف «احتمال الفشل كبير جداً، وإذا حدث الفشل فسيعني ذلك انخفاض معدل النمو الاقتصادي الإجمالي للصين».ويتوقع الاقتصاديون أن أي جهود تبذلها بكين لخفض الطاقة الإنتاجية ستُتخذ بخطوات صغيرة وحذرة، مع حرص المسؤولين، المستهدفين تحقيق نمو اقتصادي سنوي يقارب 5 في المئة، على مراقبة الآثار الجانبية عن كثب.

الخطوة الأولى

قد يُصدر اجتماع متوقع للمكتب السياسي، وهو هيئة صنع القرار في الحزب الشيوعي، نهاية يوليو المزيد من الإرشادات الصناعية.يتوقع المحللون أن تستهدف بكين أولاً المحركات الثلاث الرئيسية للنمو، والتي تصفها وسائل الإعلام الحكومية بأنها السبب في حروب الأسعار، وهي صناعات السيارات والبطاريات والألواح الشمسية.تسارع نمو هذه الصناعات مع إعادة توجيه الصين للموارد من قطاع العقارات المتضرر خلال العِقد الماضي إلى التصنيع المتقدم، لدفع ثاني أكبر اقتصاد في العالم ليسيطر على ثلث حجم التصنيع العالمي، لكن القطاع التصنيعي أصبح مُنتفخاً للغاية.

فرط الإنتاج

أفاد محللون في سوسيتيه جنرال بأن معدلات استغلال الطاقة الإنتاجية في معظم القطاعات أقل من المستوى «الصحّي تجارياً» البالغ 80 في المئة، بسبب ضعف الطلب المحلي ونموذج النمو القائم على الاستثمار، والذي يُفضّل المنتجين على المستهلكين.واشتكى مسؤولو الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مراراً وتكراراً من أن هذا النموذج يُغرق الأسواق العالمية بسلع رخيصة مصنوعة في الصين ويُعرّض صناعاتهم المحلية للخطر.

الحوافز المحلية

معظم شركات الصناعات المُتقدمة مملوكة للقطاع الخاص، على عكس منتجي المواد الخام المرتبطين بالدولة، الذين قلّصت بكين أعدادهم في العقد الماضي من خلال قرارات إدارية صارمة.الآن يتطلب خفض الطاقة الإنتاجية عملية يصعب التنبؤ بنتائجها، تتمثل في تقليص الدعم والأراضي الرخيصة والقروض التفضيلية والتخفيضات الضريبية، ثم يتبقى في الأسواق من استطاع الصمود أمام القرارات الجديدة، كما أن المسؤولين المحليين الذين سيقومون بتطبيق القرارات لديهم أهداف أخرى، وهي جذب الاستثمارات وخلق الوظائف في ولاياتهم.وقال يان سي، نائب مدير معهد السياسة الاقتصادية بجامعة بكين، إن مقاومة الحكومات المحلية ستحول تخفيضات الطاقة الإنتاجية «المهمة والضرورية» إلى عملية تدريجية طويلة الأجل لن تُنهي الضغط الانكماشي بمفردها، مضيفاً أن تحفيز الطلب سيكون أكثر فاعلية من تقليص العرض.

مفاضلة صعبة

يواجه صانع القرار في الصين حالياً مفاضلة صعبة بين فترة أقصر وأعمق من خفض الإنتاج، ما يؤدي إلى فقدان الوظائف، أو عليه تحمل فترة أطول من الطاقة الفائضة وانكماش الاقتصاد، ما يطيل مدة تفاقم الأزمة الاقتصادية.ويُقدّر بنك ماكواري الأسترالي، المتخصص في الخدمات الاستثمارية، بأن إصلاحات العقد الماضي قد أزالت عشرات الملايين من الوظائف بالفعل، لكن مشروعاً طموحاً لإعادة تطوير الأحياء الفقيرة في جميع أنحاء الصين، والذي قدّر مورغان ستانلي قيمته بـ10 تريليونات يوان (1.4 تريليون دولار)، وفّر للعمال المُشرّدين وظائف جديدة.الآن أصبح قطاع التصنيع أقلّ كثافة من حيث الأيدي العاملة، ومع ذلك سنستمر في فقَد الوظائف، ولا «سبيل» للقطاعات الاقتصادية الأخرى، التي تواجه أيضاً ضعفاً في طلب المستهلكين، لاستيعاب الصدمة، كما يقول شي، من جامعة موناش.(رويترز)