محمد المصري: من صعيد مصر إلى الساحة العالمية.. محطات في مسيرة ‘تاكتفول’

كان الحلم هو تصدير حلول الذكاء الاصطناعي من مصر إلى الشرق الأوسط والمملكة المتحدة وأوروبا، هكذا خطط رائد الأعمال المصري محمد المصري، فماذا واجه وكيف كانت التحديات؟
مع ذلك، لم يكن هناك نجاح على مستوى الإدارة في هذه المرحلة، فقد كانت خبرته الإدارية محدودة، ولم يستطع استثمار النجاح لقلة خبرته، ولكن كان الهدف هو إيجاد مناخ تكنولوجي بالصعيد، وخصوصاً أن هناك أماكن كثيرة محرومة من التطوير، كما أن فرص العمل محدودة في مجالات معينة، وكان المصري يتمنى أن يؤسس شركة تقدّم خدمات تكنولوجية متطورة، وتكون بذرة في تطوير الصعيد.
كذلك كنت المهندس الوحيد في بداية الشركة، ثم عدت إلى مصر بعد ثورة 25 يناير، وكنت أرى التغيير الذي حدث في البلاد، وحلمت بأن أعيد ما بدأته قبل السفر إلى السعودية.انضم المصري إلى مجموعة من الشباب المبدعين، وأسسوا شركة «سيليكون فيجن» Silicon Vision في مجال أشباه الموصلات، وكانت تنتج تقنيات لاسلكية wireless تُباع لشركات عالمية مثل إنتل وسوني وغيرها.ويضيف المصري: «نجحنا بالفعل في تطوير منتجات لم يكن أحد يستطيع عملها إلّا في أوروبا والولايات المتحدة، لأنها تحتاج إلى مهارات معينة، والحمد لله نجحنا في تصميم تلك المنتجات على مستوى عالمي، وتم الاستحواذ على كل التقنيات من شركة أمريكية كبرى».
انطلاق تاكتفول
عقب رحلة عملية في أوروبا، بدأ المصري التفكير في بدء شركته Tactful في 2016 بالشراكة مع محمد حسن وشريف خير الله، ويقول المصري «وضعت كل خبراتي السابقة في هذه الشركة، ومجالها هو بناء حلول لبعض الشركات وقطاع الأعمال، من أجل تطوير التواصل مع العملاء من خلال كل القنوات، سواء الهاتف أو التواصل الاجتماعي أو القنوات التقليدية، وذلك باستخدام الذكاء الاصطناعي، ونساعدهم على فهم احتياجات العملاء وميكنة الخدمات.»من التحديات التي تواجهها الشركات التوقعات المرتفعة للمستهلكين، والذين يريدون شركة ترد عليهم بسرعة وتمنحهم خدمة جيدة، ويكون هناك نوع من أنواع التعامل الجيد، وهذا يحتاج إلى تربيط كبير بين القنوات المختلفة، وجمع البيانات عن العملاء، من أجل مساعدة الموظفين على التعامل معهم، وميكنة الخدمة نفسها، وهذا يزيد من كفاءة العمل وراحة ومستوى رضاء العميل، ويساعد المشروع على التطوير لمواكبة السوق، فتاكتفول تربط كل القنوات المختلفة التي يستخدمها المشروع للتعامل مع العملاء، ليتواصلوا معهم، ويتم ميكنة طرق التواصل المختلفة، وتقدم أيضاً تقارير وتحليلات.
منتجات تاكتفول
توفِّر منصة Tactful AI القدرة على إدارة 100% من التفاعلات مع العملاء لحظياً عبر جميع القنوات الرقمية، إلى جانب تحسين إنتاجية فرق خدمة العملاء بشكل ملحوظ من خلال الأَتْمَتَة الذكية، كما حقَّقت المنصة أثرًا ملموسًا عبر مساهمتها في زيادة الإيرادات الرقمية بنسبة تتراوح بين 15% و35% خلال أشهر قليلة من تطبيقها، عبر تعزيز التفاعل ومعدلات التحويل.وبفضل خبرة تزيد على عشر سنوات في مجال تجربة العملاء والذكاء الاصطناعي، تقدِّم Tactful AI خدماتها إلى قطاعات متنوعة، تشمل: الاتصالات، والضيافة، والتجارة الإلكترونية، والقطاع العام، كما تشمل قائمة عملائها علامات تجارية بارزة، مثل: فيرمونت، وأدريس هوتيلز، ومجموعة العربي، وتو بي، ولازوردي، وإرادة للتمويل متناهي الصغر.وبالجمع بين مرونة الأنظمة التي لا تتطلَّب كتابة أكواد، والتحليلات الذكية في الوقت الفعلي، تُمَكِّن المنصة الفرق المعنية بالتفاعل مع العملاء من إدارة آلاف المحادثات بسلاسة، بينما تزود صانعي القرار برؤى قابلة للتنفيذ، وتمثل Tactful AI بديلاً إقليمياً قوياً للحلول العالمية مثل: Genesys وZendesk وFreshdesk وIntercom.وتلتزم Tactful AI بتقديم ابتكار محلي بمعايير عالمية، بالاعتماد على مراكزها التقنية في القاهرة وكامبردج، كما تستثمر بنشاط في البحث والتطوير؛ لتعزيز قدراتها في الذكاء الاصطناعي، والحفاظ على ميزتها التنافسية في الأسواق الدولية.ويشير المصري إلى أن الشركة لا تبني برامج فقط، ولكنها تعيد تعريف كيفية تقديم تجربة العملاء في المنطقة العربية.
تحديات في الطريق
تتمثل التحديات التي واجهتها الشركة في الوصول إلى المهندسين والكفاءات التي تساعد على تطوير المنتج، ولديهم الرؤية نفسها، واستعداد للانضمام إلى شركة صغيرة إمكاناتها محدودة جداً لكي يحقق الفريق الحلم معاً، فكان المصري يبحث عن نوعية من الناس لديها القدرة على الحلم، وأن تصدق إمكانية تحقيق هذا الحلم.التحدي الآخر كان التمويل، فهو عقبة كبيرة بالنسبة للشركات الناشئة، وخصوصا العاملة في التكنولوجيا، فالاستثمارات تذهب عادة للشركات الخدمية في الشرق الأوسط، وهذا بالطبع بسبب أن مجال الخدمات به تطوير كبير ما زال غير موجود، وهي فرصة للشركات لكي يدخل المستثمرون هذا المجال وعمل إضافة مختلفة.
استحواذ
وفي عام 2022 أعلنت شركة Dstny، وهي شركة أوروبية متخصصة في مجال أدوات الاتصالات التجارية، استحواذها على شركة Tactful، لتتمكن الشركة الأوروبية من زيادة مجموعة منتجاتها، ومساعدة الشركات على التواصل بشكل مُجدٍ وفعّال مع عملائها، عبر قنوات التواصل الصوتية الرقمية والتقليدية الحديثة.
فصل جديد
ومؤخراً أعلنت Tactful AI انطلاق فصل جديد في مسيرتها المهنية بعد أن أعاد مؤسساها محمد المصري ومحمد حسن، الاستحواذ الكامل على ملكيتها.فبعد قرار استراتيجي ورؤية طموحة للمستقبل، استعاد محمد المصري ملكية الشركة بالكامل، ممهّداً الطريق أمام Tactful AI للانطلاق في مسار نمو مستقل يركِّز على التوسع الإقليمي والدولي، بدءاً من الشرق الأوسط (خصوصاً المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة)، وصولاً إلى المملكة المتحدة وغرب أوروبا.
استثمارات
وخلال السنوات الثلاث الماضية، استثمرت Tactful AI أكثر من 5 ملايين دولار في تطوير تقنياتها الخاصة بالذكاء الاصطناعي، لتطلق أول منتج ذكاء اصطناعي مصري خالص مصمم خصيصاً لإدارة تجربة العملاء (CX)، وتُستخدم المنصة في العديد من الأسواق الرئيسية في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا؛ حيث تساعد الشركات العاملة في قطاعات البيع بالتجزئة والتجارة الإلكترونية والضيافة والتمويل لتقديم تفاعلات أكثر ذكاءً وسرعة وتخصيصاً لعملائها.ويقول المصري: «نفخر بتحقيق هذه الريادة انطلاقًا من مصر؛ لنُثبت أن تقنيات الذكاء الاصطناعي ذات المعايير العالمية يمكن تطويرها في المنطقة. نمتلك رؤية طموحة للمرحلة القادمة، وسوف نضاعف جهودنا في الابتكار، ونوسِّع حضورنا في الأسواق الجديدة، وندعم المؤسسات في تحديث استراتيجيات تفاعلها مع العملاء».