أداة ChatGPT Agent تنطلق: هل هي خطوة نحو المستقبل أم تهديد للمنافسة العادلة؟

أداة ChatGPT Agent تنطلق: هل هي خطوة نحو المستقبل أم تهديد للمنافسة العادلة؟

بينما كانت نماذج الذكاء الاصطناعي تتباهى بقدراتها الحوارية والمعلوماتية، خرج ChatGPT Agent من عباءة OpenAI بأسلوب أشبه بقصص الخيال العلمي.. لم يعد الذكاء الاصطناعي مستشاراً ينصح، بل بات منفذاً يتصرف. من مجرد دردشة إلى عقل رقمي يعمل مكانك، يتحرك نيابة عنك، يقرأ بريدك، يفتح الروابط، يملأ النماذج، ويطلب إذنك قبل أن يضغط زر الإرسال، ويشكّل ذلك خطوة مهمة باتجاه ما يُسمّى الوكلاء المستقلة Autonomous Agents. طُرِح هذا النموذج للأفراد في الوقت الراهن، بينما يسمح للشركات باستخدامه خلال الأيام المقبلة.
لكن، كما في كل اختراق تقني هناك قوة وفرصة في جهة وتهديد وخسارة في الجهة الأخرى.

دخل ChatGPT Agent المنافسة في عالم الوكلاء الأذكياء AI Agents، وهو مضمار انطلقت فيه شركات عديدة سابقاً مثل Reka.ai، Adept، Inflection، Mistral، Anthropic، وCohere، وحتى شركات ناشئة طوّرت وكلاء ذكية متخصصة باستخدام واجهات OpenAI نفسها مثل: Magical AI، Zapier AI Agent، Lindy AI،. لكن المفاجأة كانت أن OpenAI التي فتحت الباب لهؤلاء، عادت اليوم لتنافس عملاءها على الميدان نفسه. ويعتبر هذا منعطفاً في نوع منتجات الشركة، حيث تلعب OpenAI دوراً جوهرياً في تقديم نماذج ذكاء اصطناعي والتي تعتبر جزءاً مهماً في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي إلى تقديم تطبيقات كانت تطرحها شركات مستفيدة من واجهات نماذج الشركة.تشابهت هذه الحالة مع إطلاق «Amazon Basics» ضد شركائها أو دخول Google ميدان التطبيقات التي استخدمت واجهاته، واليوم يعيش عشرات المطورين المستقلين والمبادرات الصغيرة صدمة حقيقية: كيف ننافس أصل التقنية؟تكمن قوة الوكيل الذي تطرحه OpenAI بأنه يدمج بين أدوات OpenAI القديمة مثل Operator للتصفح وDeep Research للبحث ليصبح كائناً تنفيذياً ذكياً يُنفذ مهام معقدة دون تدخل بشري مباشر، مثل:تصفّح البريد الإلكتروني وقراءة مستندات مرفقة.حجز مواعيد من تقاويم خارجية.كتابة تقارير ومراسلات رسمية.تحليل أخبار السوق وإرسال ملخصات يومية.كل ذلك داخل بيئة آمنة حسب تعبير الشركة (حيث يمكن لشركة OpenAI إدارة هذه البيئة بالكامل مع الملفات كلها التي تدخلها)، وتحتوي هذه البيئة على:متصفح تفاعلي بصري.بيئة رقمية افتراضية Terminal (يتم فيها كتابة القرارات وتحليل البيانات ويفترض أنها مؤقتة لتنفيذ تلك المهام).واجهات ربط متصلة بـGmail، GitHub، Google Drive، وغيرها.كما يتيح الوكيل للمستخدم «الموافقة» قبل تنفيذ أي خطوة، على الأقل في الوقت الحالي.ويتميز ChatGPT Agent ليس فقط في قدراته بتنفيذ الأوامر وحسب، بل في تكامله المباشر مع نظام OpenAI، حيث يمكنه الوصول إلى الملفات، وتحليل المحادثات السابقة، والربط مع التعليمات البرمجية مباشرة. هذا التكامل يمنحه أفضلية مميتة ضد المنافسين، خاصة أولئك الذين استثمروا مبالغ ضخمة لبناء وكلاء باستخدام المنصة نفسها.تخيّل أن تبني مطعماً في مول ثم يبلغك مالك المول بأنه سيفتح مطعماً ضخماً في المدخل الرئيسي بالأطباق نفسها وبأسعار أقل.الجانب المظلم لمثل هذه التقنيات التي لطالما ننادي الناس باتخاذ الحيطة فيها هو موضوع أمن البيانات وخصوصية المعلومات، حيث لكل ضوء في التقنية ظل. وهنا تظهر ثلاث مخاطر حقيقية:الخصوصية: قدرة الوكيل على قراءة الإيميلات، تصفح الإنترنت، وربط الحسابات المختلفة، تُثير مخاوف بشأن مدى أمان هذه البيانات، حتى وإن خُزِنت مؤقتاً أو محلياً في البيئة الخاصة بشركة OpenAI، حيث تسمح سياسة خصوصية البيانات الخاصة بالشركة بمشاركة تلك البيانات مع أي طرف ثالث. فمن يضمن أن الطرف الثالث لن يكون الطرف الأول في المستقبل؟ كما أن الشركة اعترفت باحتمال اختراق قراصنة الإنترنت الملفات الشخصية التي يستخدمها الوكيل الذكي أو حتى موافقة قراصنة الإنترنت على أوامر قد تعكس ضرراً كبيراً على المستخدم.تدمير البيئة الريادية الصغيرة: الشركات الناشئة التي بنت أعمالها على تطوير وكلاء ذكية باستخدام OpenAI API، وجدت نفسها فجأة في مواجهة الشركة الأم التي قررت الاستحواذ على السوق بشكل أو آخر. قد تتبخر استثمارات تلك الشركات وقد تتحول خطط نموها إلى نعي تقني.الاعتماد الكامل: مع ازدياد قدرات الوكلاء، قد تتآكل المهارات البشرية تدريجياً، ويصبح الموظف مجرد مراقب يضغط على زر “موافق”، بينما الذكاء الاصطناعي يقوم بكل شيء، وما ينطوي وراء مخاطر هذه التقنيات من فقدان فرص العمل وارتفاع البطالة.بالرغم من قوة ChatGPT Agent، فإن الساحة ليست فارغة، فكل من DeepSeek الصينية تقدّم نموذجاً مفتوح المصدر يتميز بالتكلفة المنخفضة والدقة العالية في البرمجة والمنطق، بينما يحاول Gemini من Google تعويض بطء البداية بقدرات البحث والدمج مع خدمات Google Workspace. ويقف إيلون ماسك في الجهة الأخرى بطرح Grok بأنه النموذج الأسرع في العالم. ويروّج Anthropic لنفسه بأنه يقدّم أماناً أخلاقياً أعلى. ولكل من تلك النماذج القدرة على تقديم وكلاء ذكاء اصطناعي فد يتغلب بعضها على ChatGPT Agent، وسيفتح هذا الطرح شهية النماذج الأخرى لتوفير وكلاء أذكياء خاصة بنماذجها. لكن الميزة الأكبر تبقى لـChatGPT Agent هي التكامل مع GPT-4o والبنية التحتية الخاصة بشركة OpenAI والقاعدة الجماهيرية الكبيرة كونه أول من بدأ سباق الذكاء الاصطناعي التوليدي.قد يكون ChatGPT Agent هو الجسر الذي يصل بين المعرفة والتنفيذ، لكنه أيضاً قد يكون السور الذي يمنع الآخرين من الوصول للضفة نفسها. وتجد الشركات الصغيرة التي بنت آمالها على واجهات OpenAI نفسها اليوم في وجه العملاق ذاته، ما يظهر بشكل جلي بحاجة قطاع الذكاء الاصطناعي إلى منظومة تضمن حقوق الآخرين سواء من خصوصية البيانات وأمنها أو حماية الشركات الناشئة أو حتى توفير المزيد من نماذج ذكاء اصطناعي مفتوحة المصدر ومدربة في بيئة تقنية عالية.في الأخير الذكاء الاصطناعي لن ينام، ومن لا يتحرك اليوم لن يجد مكاناً في الغد، فهل نحن أمام ثورة رقمية تنفذ ما نحلم به أم أمام تركيز احتكاري قاتل للابتكار؟أترك لكم الإجابة، بينما أبحث عن وكيل ذكاء اصطناعي يساعدني على اختيار العشاء على أمل أن لا يُقرر عني بعد سنوات ويجبرني على تناول بعض الأكلات النيئة التي لا أحبها!تم إعداد هذه المقالة لصالح CNN الاقتصادية، والآراء الواردة فيها تمثّل آراء الكاتب فقط ولا تعكس أو تمثّل بأي شكل من الأشكال آراء أو وجهات نظر أو مواقف شبكة CNN الاقتصادية.