تحديات كبيرة تواجه صناعة البتروكيماويات في أوروبا للمرة الأولى منذ عقود

تواجه صناعة البتروكيماويات في أوروبا واحدة من أصعب مراحلها مع تصاعد التحديات وتوالي الإغلاقات في المصانع بعد سنوات من الخسائر وتنامي القدرات الإنتاجية العالمية بقيادة الصين.
الإيثيلين تحت التهديد
ويأتي ذلك بعد إعلان عدد من الشركات الكبرى مثل «شل» و«توتال إنرجي» و«داو» و«إكسون موبيل» خططاً لإغلاق أو مراجعة أصولها الكيميائية في أوروبا.
وتكمن الأزمة في ضعف الجدوى الاقتصادية لتلك المنشآت، إذ تعمل غالبية المصانع الأوروبية بمعدلات تشغيل تقل عن 80%، وهو مستوى غير مربح على المدى الطويل، وفي المقابل تستفيد أميركا الشمالية والشرق الأوسط من مواد خام أرخص مثل الإيثان، ما يخفّض كلفة الإنتاج إلى أقل من نصف ما تنفقه أوروبا.
الصين تتوسع.. وأوروبا تتقلص
تواصل الصين من جهتها تعزيز هيمنتها على السوق، إذ تخطط لإضافة 6.5% إلى طاقتها الإنتاجية من الإيثيلين سنوياً حتى عام 2030 لتصل إلى ما يقارب 87 مليون طن سنوياً، أي أكثر من ثلاثة أضعاف قدرة الاتحاد الأوروبي الحالية، كما تبني منشآت في جنوب شرق آسيا لتجاوز الضرائب الأوروبية والأميركية.وأمام هذا التراجع، أعلنت المفوضية الأوروبية هذا الشهر خططاً لدعم إنتاج المواد الكيميائية الاستراتيجية مثل الإيثيلين والبروبلين، بما يشمل توسيع نطاق الدعم الحكومي وتفضيل المنتجات المحلية في المناقصات العامة، لكن خبراء يرون أن هذه الإجراءات قد تكون جاءت متأخرة، إذ بدأ الضرر بالتفاقم منذ سنوات.وقال جيم راتكليف، مؤسس شركة «إينيوس»، «بينما يبني العالم أكثر من 20 وحدة تكسير جديدة، أوروبا تمشي نائمة نحو الانحدار الصناعي».
محاولات للبقاء.. ومطالب بالتدخل
تتجه بعض الشركات للتحول إلى استثمارات في المصافي الحيوية وإعادة التدوير الكيميائي مع تفاقم الخسائر، كما تفعل «إيني» الإيطالية، فيما تستثمر «إينيوس» 4 مليارات يورو لبناء أول وحدة تكسير جديدة في أوروبا منذ 30 عاماً في أنتويرب، بهدف تلبية الطلب المحلي وتقليل البصمة الكربونية.لكن المشهد العام لا يزال قاتماً، إذ صدرت وثيقة أوروبية في مارس آذار 2025 حذّرت من فقدان 50 ألف وظيفة بحلول 2035 بسبب إغلاقات محتملة.وفي النهاية، يقف صانعو القرار الأوروبيون أمام مفترق طرق؛ إما التحرك الجاد لحماية ما تبقى من الصناعة وإما تركها تواجه المصير المحتوم أمام قوى عالمية تتفوق بالإنتاج والسعر والحداثة.(رويترز).