سوق القهوة تحت تأثير سياسة ترامب: كيف تؤثر الرسوم على التجارة والأسعار؟

سوق القهوة تحت تأثير سياسة ترامب: كيف تؤثر الرسوم على التجارة والأسعار؟

تواجه سوق القهوة في الولايات المتحدة تهديداً متزايداً نتيجة التوترات التجارية المتصاعدة، بعد أن لوّح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض تعريفات جمركية تصل إلى 50% على واردات البضائع البرازيلية، بما في ذلك القهوة، في ظل نزاع دبلوماسي مع الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا.

حب القهوة الأميركي.. عادة تتخطى الترف

ويبلغ متوسط استهلاك الفرد نحو 3 أكواب يومياً، ويُشرب 82% منها في المنزل، فيما يعتمد 38% على القهوة الجاهزة في أثناء التنقل.
ويُترجم هذا الشغف الجماهيري بالقهوة إلى أرقام ضخمة، إذ يُنفق الأميركيون أكثر من 300 مليون دولار يومياً على القهوة ومنتجاتها، في سوق تُقدّر قيمته حالياً بنحو 90.97 مليار دولار، ومن المتوقع أن تنمو بواقع 66% لتصل إلى أكثر من 150 مليار دولار بحلول عام 2034، بحسب تقديرات شركة كوستوم ماركت إنسايتس (Custom Market Insights).

الاستيراد.. معضلة أمام أميركا

تعد الولايات المتحدة، التي تستورد أكثر من 99% من احتياجاتها من القهوة، أكبر مستورد عالمي لهذا المنتج، مع واردات بلغت نحو 1.5 مليون طن متري في العام الماضي، بقيمة قاربت 9 مليارات دولار. وصدرت البرازيل وحدها ما يزيد على 450 ألف طن متري إلى السوق الأميركية عام 2024، ما يمثل 30.7% من إجمالي الواردات.وبينما تعتمد الولايات المتحدة بشكل كبير على دول أميركا اللاتينية في استيراد القهوة، مثل كولومبيا (18.3%)، غواتيمالا (5.4%)، بيرو (4.8%)، وهندوراس (5.8%)، فإن معظم هذه الدول أصبحت هدفاً لتعريفات جمركية من قبل إدارة ترامب السابقة، مع رسوم محتملة تقدر بنحو 10%، وقد تُرفع في بعض الحالات إلى 50%.كما تُواجه واردات القهوة من المكسيك وكندا، وهما دولتان شريكتان في اتفاقية USMCA، احتمال رفع الرسوم إلى 30% و35% على التوالي بحلول أغسطس آب المقبل، ومع غموض الوضع بالنسبة لواردات القهوة من معظم الدول، تظل بيئة السوق محفوفة بعدم اليقين.

مَن يتحمل الفاتورة؟

شهدت أسعار القهوة في الولايات المتحدة ارتفاعاً ملحوظاً في السنوات الخمس الماضية، إذ وصل سعر الرطل الواحد (453.6 غرام) من القهوة المطحونة والمحمصة إلى 8.13 دولاراً في يونيو حزيران 2025، وهو ما يُمثل تقريباً ضعف السعر قبل خمس سنوات، ولعبت عوامل مثل تغيّر المناخ، الحروب، اضطراب سلاسل الإمداد، وزيادة الطلب المحلي، جميعها دوراً في رفع الأسعار.ومع تهديد ترامب الأخير بفرض رسوم إضافية على واردات القهوة من البرازيل، ثاني أكبر منتج لليود المستخدم في تصنيع القهوة المفلترة، تزداد المخاوف من حدوث موجة تضخم جديدة في أسعار القهوة، ما قد يُثقل كاهل المستهلك الأميركي ويُربك السوق الداخلية التي تعتمد على التوازن الدقيق بين العرض العالمي والطلب المحلي المرتفع.وتعيد التوترات الحالية تُعيد إلى الأذهان فصولاً سابقة من الحروب التجارية التي أدّت إلى اضطرابات واسعة في قطاعات متعددة، ومثلما تأثرت صناعات مثل الفولاذ والألمنيوم برسوم ترامب السابقة، فإن قطاع القهوة هذه المرة قد يكون في صدارة المتأثرين، ليس فقط بسبب حساسية السوق تجاه الأسعار، بل أيضاً بسبب الأهمية الثقافية والاقتصادية للقهوة في أميركا.وتكشف هذه التطورات عن هشاشة الاعتماد الأميركي شبه الكامل على واردات القهوة، وتفتح النقاش مجدداً حول تنويع سلاسل التوريد، وربما حتى الاستثمار في زراعة القهوة ضمن أراضٍ أميركية محدودة عبر التكنولوجيا والزراعة العمودية.وبين الإدمان الشعبي والتقلبات السياسية، يبدو أن فنجان القهوة الصباحي قد يكون أحد ضحايا السياسات الحمائية، ما لم يتم التوصل إلى حلول تجارية أكثر استقراراً تعيد التوازن إلى هذه السوق الحيوية.