إدريس يلتزم بإعادة بناء الخرطوم خلال زيارته الأولى للعاصمة المتأثرة بالحرب

إدريس يلتزم بإعادة بناء الخرطوم خلال زيارته الأولى للعاصمة المتأثرة بالحرب

تعهد رئيس الوزراء السوداني، كامل إدريس، بإعادة بناء العاصمة الخرطوم خلال أول زيارة له إلى المدينة التي دمرتها الحرب منذ أكثر من عامين، وذلك منذ توليه المنصب في مايو الماضي.
وقال إدريس، وفق ما نقلته وكالة الأنباء السودانية الرسمية: «ستعود الخرطوم كعاصمة وطنية شامخة».

ووفقاً لتقديرات الأمم المتحدة، قُتل عشرات الآلاف في العاصمة التي كانت تعج بالحياة، فيما فر منها أكثر من 3.5 مليون شخص.وحسب المكتب الإعلامي لولاية الخرطوم، زار إدريس السبت مقر القيادة العامة للجيش ومطار المدينة، وهما رمزان وطنيان أعاد الجيش السيطرة عليهما إلى جانب القصر الرئاسي في وقت سابق من هذا العام، ما عزز سيطرته على العاصمة.لكن إعادة الإعمار تبدو مهمة ضخمة، إذ قدّرت الحكومة التكلفة بنحو 700 مليار دولار على مستوى البلاد، نصفها تقريباً مخصص للعاصمة الخرطوم.ولا تزال الحكومة المتحالفة مع الجيش والتي انتقلت إلى مدينة بورتسودان على ساحل البحر الأحمر في بداية الحرب، تمارس أعمالها من هناك، رغم أنها بدأت في وضع خطط لعودة الوزارات تدريجياً إلى الخرطوم في وقت لا تزال المعارك مستعرة في مناطق أخرى من البلاد.وقد باشرت السلطات تنفيذ عمليات لدفن الجثث المتناثرة، وإزالة آلاف القذائف غير المنفجرة، واستئناف تقديم الخدمات الإدارية في العاصمة.وخلال زيارته لمصفاة «الجيلي»، أكبر مصافي النفط في السودان، والواقعة شمال الخرطوم، وعد إدريس بأن «المؤسسات الوطنية ستعود أقوى مما كانت عليه».وكانت المصفاة -التي تحولت إلى هيكل متفحم- قد استعادها الجيش في يناير، لكنها تحتاج إلى سنوات وميزانية تفوق 1.3 مليار دولار لإعادة تشغيلها، حسب ما أفاد به مسؤولون لوكالة فرانس برس.تعثر في تشكيل الحكومةوتتوقع الأمم المتحدة أن يعود نحو مليوني شخص إلى الخرطوم هذا العام، لكن المدينة باتت غير قابلة للتعرف، حسب العائدين.ويقول عمال الإغاثة إن الخرطوم شهدت موجات نهب غير مسبوقة، حيث قامت عناصر الدعم السريع بانتزاع أسلاك النحاس من خطوط الكهرباء قبل انسحابها.ولا تزال مساحات واسعة من العاصمة دون كهرباء، كما أدت الأضرار الجسيمة في البنية التحتية للمياه إلى تفشي وباء الكوليرا، حيث سجلت السلطات الصحية ما يصل إلى 1,500 حالة يومياً الشهر الماضي، وفقاً لتقارير الأمم المتحدة.وقال إدريس السبت «إن أزمة المياه هي العقبة الأساسية التي تؤخر عودة المواطنين إلى منازلهم».ويُعد إدريس، وهو دبلوماسي مخضرم ومسؤول سابق في الأمم المتحدة، أحد أبرز الوجوه المدنية التي اختارها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان لتشكيل ما سُمي بـ«حكومة الأمل» في مايو الماضي.لكن الحكومة تواجه انتقادات متزايدة، وسط تحذيرات من أن وجودها قد يشكل غطاءً مدنياً لحكم عسكري، خاصة في ظل مشاركة قادة فصائل مسلحة ضمن تشكيلها.وكانت حكومة الخرطوم خلال فترة الانتقال المدني القصيرة في 2020 قد وقعت اتفاق سلام مع مجموعات متمردة، تم بموجبه تخصيص عدد من الحقائب الوزارية لهذه الفصائل.واليوم، تم شغل جميع المناصب الوزارية باستثناء ثلاث فقط، فيما حافظت الجماعات المسلحة التي تقاتل إلى جانب الجيش على تمثيلها داخل حكومة إدريس.لكن تقارير أفادت بأن إدريس يسعى لتعيين تكنوقراط بدلاً من أعضاء مرتبطين بهذه الفصائل، ما أثار توترات داخل الحكومة.وتُعرف هذه الفصائل مجتمعة باسم «القوات المشتركة»، وقد لعبت دوراً حاسماً في الدفاع عن مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور التي تحاصرها قوات الدعم السريع منذ مايو من العام الماضي.وإذا ما نجحت قوات الدعم السريع في السيطرة على الفاشر، فستحكم سيطرتها على كامل إقليم دارفور الشاسع، ما يعمّق من انقسام البلاد.ورغم أن الجيش يسيطر الآن على العاصمة وأجزاء من الشمال والشرق، فإن الحرب لا تزال مشتعلة في غرب وجنوب البلاد، حيث وُجهت إلى قوات الدعم السريع اتهامات بارتكاب مجازر ضد المدنيين في الأيام الأخيرة.ويواجه السودان أسوأ أزمة جوع ونزوح في العالم، حيث يعاني نحو 25 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي، فيما نزح أكثر من 10 ملايين شخص داخلياً، إضافة إلى أربعة ملايين آخرين عبروا الحدود إلى دول الجوار.