احتدام صراع الليثيوم.. الصين تفرض قيوداً جديدة لحماية أسرار تكنولوجيا بطارياتها

فرضت الصين قيوداً على تصدير التقنيات الأساسية لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية، في خطوة تهدف إلى ترسيخ هيمنتها على هذا القطاع الذي أسهم في تصدر البلاد سباق السيارات الكهربائية العالمي.
ويعني الإدراج في القائمة أن نقل هذه التقنيات إلى الخارج سيتطلب ترخيصاً حكومياً، وفقاً لبيان صادر عن وزارة التجارة الصينية.وتفرض الصين قيوداً مماثلة منذ ثلاثة أشهر على بعض المعادن الأرضية النادرة ومغناطيساتها، وهي مواد أساسية تُستخدم ليس فقط في إنتاج السيارات الكهربائية، ولكن أيضاً في الإلكترونيات الاستهلاكية والمعدات العسكرية مثل الطائرات المقاتلة.
وقد برزت هيمنة الصين على سلسلة توريد المعادن الأرضية النادرة كإحدى أقوى أدواتها في حربها التجارية المتجددة مع الولايات المتحدة.وبرزت الصين كلاعب رائد في سوق السيارات الكهربائية العالمية بفضل قدرتها على تطوير بطاريات عالية الأداء بتكلفة منخفضة، عن طريق سلسلة التوريد الشاملة التي تمتلكها، بدءاً من معالجة المواد الخام ووصولاً إلى تصنيع البطاريات.ووفقاً لشركة SNE للأبحاث، فقد استحوذت شركات تصنيع بطاريات السيارات الكهربائية الصينية على ما لا يقل عن 67 في المئة من حصة السوق العالمية لإنتاج البطاريات.وتتعارض الاشتراطات الجديدة مع خطط التوسع الخارجي لشركات تصنيع السيارات الكهربائية الصينية في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية وجنوب شرق آسيا قالت ليز لي، المديرة المساعدة في شركة كاونتربوينت ريسيرش، إن هذه الخطوة قد تُسرّع جهود الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أخرى لتعزيز توطين المواد الأولية وقدرات تكرير المعادن.تمتلك شركة CATL الصينية، أكبر مُنتج لبطاريات السيارات الكهربائية في العالم والمورد الرئيسي لشركة تسلا، مصانع في ألمانيا والمجر، ولديها خطط لإنشاء مصنع مشترك في إسبانيا مع شركة ستيلانتس، مالكة شركتي فيات وكرايسلر، كما تُرخّص الشركة تقنيتها لاستخدامها في مصنع بطاريات السيارات الكهربائية التابع لشركة فورد قيد الإنشاء في ميشيغان.وصرح متحدث باسم شركة فورد لشبكة CNN بأن الشركة «غير متأثرة» بالقيود الجديدة.وتمتلك أكبر مؤسسة تصنيع للسيارات الكهربائية في العالم، BYD الصينية، منشآت إنتاج للسيارات الكهربائية في جميع أنحاء العالم، من المجر وتايلاند إلى البرازيل.وتقوم BYD بتصنيع بطارياتها بنفسها.وقال محللون إن التأثير الحقيقي لضوابط التصدير الجديدة لا يزال غير مؤكد، حيث لا تزال التفاصيل غير واضحة.وأشارت ليز لي إلى أن القيود «تستهدف تصدير تقنيات العمليات الأولية، وليس عمليات تصنيع خلايا ووحدات البطاريات».وأضافت أن التأثير على المدى القريب قد يكون محدوداً نظراً لأن مصانع CATL في ألمانيا والمجر تركز على إنتاج الخلايا والوحدات، لا العمليات المحظورة محلياً، كما أن الضوابط لن تؤثر على عمليات BYD، التي لا تُصنّع خلايا البطاريات في الخارج.وقال فينسنت صن، كبير محللي الأسهم في مورنينغ ستار الذي يُغطي قطاع السيارات الكهربائية في الصين، إن التأثير النهائي سيعتمد على مدى سهولة حصول الشركات على التصاريح، وهو أمر «قد يستغرق بعض الوقت الإضافي ليتضح».
الهيمنة
يتعلق جزء من القيود المُعلنة حديثاً بتقنية إنتاج كاثود البطاريات المستخدمة في صناعة بطاريات فوسفات حديد الليثيوم (LFP)، وهو نوع من بطاريات أيون الليثيوم ازدادت شعبيته في السيارات الكهربائية خلال السنوات الخمس الماضية نظراً لانخفاض سعره وسلامته العالية، ويركز جزء آخر على معالجة الليثيوم وتنقيته واستخراجه.تهيمن الصين على إنتاج بطاريات فوسفات حديد الليثيوم ومعالجة الليثيوم عالمياً.وفقاً لشركة Fastmarkets، وهي شركة أبحاث مقرها المملكة المتحدة، في العام الماضي استحوذت الصين على 94 في المئة من الطاقة الإنتاجية لبطاريات فوسفات حديد الليثيوم عالمياً، ووفرت 70 في المئة من إنتاج الليثيوم المُعالج عالمياً.وتمثل بطاريات فوسفات حديد الليثيوم 40 في المئة من الطاقة الإنتاجية لسوق بطاريات السيارات الكهربائية العالمي.صرح جيمس إدموندسون، نائب رئيس قسم الأبحاث في شركة IDTechEx للأبحاث، لشبكة CNN، بأن التكلفة المنخفضة لبطاريات فوسفات حديد الليثيوم، مقارنةً بالبطاريات المصنوعة من النيكل والمنغنيز والكوبالت، جعلتها «عنصراً أساسياً في المركبات منخفضة التكلفة»، وهناك خطط لزيادة الاعتماد عليها من قبل شركات صناعة السيارات في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.وأضاف أن هيمنة الصين على إنتاج هذه النوعية من البطاريات تعني أن «الموردين الصينيين سيلعبون دوراً في إنتاج المواد الأولية لكاثودات بطاريات فوسفات حديد الليثيوم، حتى لو تم إنتاجها خارج الصين». وأضاف إدموندسون أن الصين تتمتع بريادة كبيرة في هذه التقنيات، كما يتضح من «شواحن BYD الكهربائية الفائقة» التي وعدت بمدى يصل إلى 250 ميلاً بشحنة لمدة خمس دقائق فقط، مقارنةً بشواحن تسلا الفائقة، التي تحتاج 15 دقيقة لتزويد السيارة باحتياجاتها من الكهرباء اللازمة لقطع مسافة 200 ميل.وقد أطلقت شركة CATL في شهر أبريل بطارية فوسفات حديد الليثيوم توفر مدى 320 ميلاً بعد شحن لمدة 5 دقائق.(جون ليو، CNN)