اليابان تؤسس فريق عمل جديد لمواجهة أزمة «السياحة المفرطة»

اليابان تؤسس فريق عمل جديد لمواجهة أزمة «السياحة المفرطة»

بذلت اليابان جهوداً حثيثة لجذب السياحة الأجنبية لتعزيز اقتصادها الراكد، لكن وجود أعداد كبيرة منهم دفع إلى تشكيل فريق عمل جديد، مع احتدام المنافسة على الأصوات قبل الانتخابات الوطنية المقررة بعد غد الأحد.
وقد أثار هذا التدفق استياء العديد من السكان، الذين تعطلت حياتهم بسبب تدفق السياح إلى أحيائهم لمشاهدة المعالم السياحية أو التسوق أو التقاط الصور.

تُعدّ هذه القضية مطروحة على الأجندة السياسية قبيل انتخابات مجلس الشيوخ، ويعود ذلك جزئياً إلى ترويج حزب هامشي لسياسات «اليابانيين أولاً».أطلق رئيس الوزراء شيغيرو إيشيبا فريق العمل، الذي سُمي رسمياً «مكتب تعزيز مجتمع التعايش المتناغم مع الأجانب»، يوم الثلاثاء، لمواجهة «جرائم أو سلوكيات مزعجة يرتكبها بعض الأجانب»، بالإضافة إلى «الاستخدام غير الملائم لمختلف» الأنظمة الحكومية.لدى رابع أكبر اقتصاد في العالم تاريخ طويل من سياسات الهجرة الصارمة، وثقافة انعزالية قوية، ولكن مع شيخوخة السكان السريعة وانخفاض معدلات المواليد بدأت اليابان تنفتح تدريجياً على العمال الأجانب وتسعى إلى جذب المزيد من السياح الدوليين، ويحذر الخبراء من أن الانغلاق مرة أخرى سيؤدي إلى تفاقم الأزمة الديموغرافية ويهدد قطاع السياحة.ووصف إيشيبا الفريق الجديد بأنه «مركز قيادة» ينسق السياسات لكل من المواطنين اليابانيين والأجانب، وأضاف أنه من بين المجالات التي سيغطيها المكتب: الهجرة، وامتلاك الأجانب للأراضي، وسداد التأمينات الاجتماعية، وتعهد «باتخاذ إجراءات صارمة ضد من لا يلتزمون بالقواعد».على الرغم من أن عدد المقيمين الأجانب في اليابان قد قفز من 2.23 مليون إلى 3.77 مليون خلال العقد الماضي، فإنهم يمثلون 3 في المئة فقط من إجمالي عدد السكان الذي يزيد على 120 مليون نسمة.ويُلقي البعض باللوم على السياح في زيادة التضخم والمساهمة في نقص بعض المواد الغذائية، بما في ذلك الأرز، وهو الغذاء الأكثر شعبية في اليابان.وينتقد آخرون تهرب المقيمين الأجانب من التأمين الصحي العام، وتهافت المستثمرين على العقارات في البلاد، مما رفع أسعارها.قال شونسوكي تانابي، أستاذ علم الاجتماع بجامعة واسيدا في طوكيو، إن العديد من المعتقدات السلبية حول الهجرة، مثل فكرة ارتفاع معدل الجريمة، تنبع من أكاذيب ومزاعم مضللة ظهرت خلال الحملات الانتخابية، وقال لشبكة CNN «تلقى الحملات السلبية المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي صدى لدى الكثيرين، ما يدفعهم إلى الاعتقاد بأن الأحزاب التي تعد بحماية المجتمع من هذه التهديدات الوهمية هي الخيار الأفضل».وأشار تانابي إلى أن معدل الجريمة في اليابان قد انخفض خلال العشرين عاماً الماضية، على الرغم من زيادة عدد السياح والمقيمين الأجانب.أُجبر إيشيبا على اتخاذ موقف حاسم مع دخول حملته الانتخابية مرحلتها الأخيرة، حيث يواجه غضباً من المواطنين تجاه الأجانب غير المسؤولين والسياح المشاغبين، وفقاً لخبراء سياسيين.ويحظى حزب سانسيتو، وهو حزب يميني صغير، بتأييدٍ وتغطية إعلامية واسعة، ويحشد ضد المهاجرين ويروج لسياسات «اليابانيين أولاً».هذا الحزب الناشئ من المتوقع أن يفوز بما بين 10 و15 مقعداً، ما قد يُضعف أغلبية الحزب الليبرالي الديمقراطي الذي ينتمي إليه إيشيبا.وفقد الحزب الليبرالي الديمقراطي وشريكه في الائتلاف حزب كوميتو أغلبيتهما في مجلس النواب العام الماضي، لأول مرة منذ 15 عاماً، وقد يواجه إيشيبا ضغوطاً إضافية إذا خسر السيطرة على مجلس الشيوخ يوم الأحد.

العمال الأجانب

قال جيفري هول، المحاضر المتخصص في الدراسات اليابانية بجامعة كاندا للدراسات الدولية في مدينة تشيبا اليابانية «إذا أصبح اليابانيون مجتمعاً غير مُرحِب بالأجانب، فستضعف قدرة الشركات على الحصول على العمال الأجانب الذين تحتاج إليهم».وانخفض معدل المواليد في اليابان إلى مستوى قياسي جديد بلغ 1.15 في عام 2024، وهو أقل بكثير من 2.1 اللازمة للحفاظ على استقرار السكان في ظل غياب الهجرة، ما يعني أن عدد اليابانيين القادرين على العمل سيستمر في التقلص لعقود قادمة.ولجذب العمال الأجانب سعت الحكومة إلى تخفيف متطلبات التأشيرات وتحسين ظروف العمل، بلغ عدد الموظفين الأجانب مستوى قياسياً هو 2.3 مليون في أكتوبر الماضي، ويُظهر موقع وزارة الخارجية الإلكتروني أن الحكومة تمنح تأشيرات «عاملين ماهرين محددين» للعمل في مجموعة من القطاعات، من التمريض والضيافة إلى البناء والطيران.وخلال إعلان يوم الثلاثاء، أقر إيشيبا بأهمية «قبول عدد معين من العمال الأجانب والتوسع في استقبال السياحة الوافدة، لضمان انتقال سلس إلى اقتصاد قائم على النمو».(CNN)