التوترات الجيوسياسية وتأثيرها على التجارة العالمية: ما سبب عدم خفض البنك المركزي المصري لأسعار الفائدة؟

التوترات الجيوسياسية وتأثيرها على التجارة العالمية: ما سبب عدم خفض البنك المركزي المصري لأسعار الفائدة؟

يستدعي قرار لجنة السياسة النقدية لدى البنك المركزي المصري الإبقاء على أسعار الفائدة الأساسية عند مستوياتها الحالية دون تغيير، مزيداً من التأمل والنظر، لا سيما في ظل تحسن أغلب مؤشرات الاقتصاد المصري وعلى رأسها معدل التضخم.

تضخم ينحسر بشدة

لم يكن التراجع الواضح في معدلات التضخم محصوراً على التضخم الأساسي فحسب، إنما انخفض معدل التضخم العام في مدن مصر بنحو 1.9 في المئة، ليتراجع إلى 14.9 في المئة في يونيو حزيران مقارنة بنحو 16.8 في المئة خلال مايو أيار.

صافي الأصول الأجنبية

والمبررات التي كانت تدعو البنك المركزي المصري لخفض أسعار الفائدة ليست منحصرة في تراجع معدلات التضخم، وإنما ارتفع صافي الأصول الأجنبية لدى القطاع المصرفي المصري (البنك المركزي والبنوك التجارية) بنحو 1.2 مليار دولار ليصل إلى 14.7 مليار دولار في مايو أيار الماضي، مقارنةً بمستواه البالغ 13.6 مليار دولار في الشهر السابق، حسب بيانات البنك المركزي.وعزا بيان «المركزي» هذا الارتفاع بالتحسن في صافي الأصول الأجنبية لدى البنوك التجارية ليبلغ أعلى مستوى له منذ فبراير شباط 2021 مسجلاً 4.8 مليار دولار في مايو أيار الماضي، مقارنة بـ1.6 مليار دولار في أبريل نيسان الماضي، بزيادة قدرها 3.2 مليار دولار.وعلى الرغم من كل هذه المبررات التي تدعو، كلاسيكياً، إلى خفض أسعار الفائدة، آثر البنك المركزي المصري التريث وعدم المُضي قُدماً (مؤقتاً) في خفض أسعار الفائدة التي خفضها بالفعل بواقع 325 نقطة أساس خلال اجتماعي أبريل ومايو الماضيين (225 نقطة و100 نقطة على التوالي).

ضبابية مشهد التجارة العالمية

أشار بيان لجنة السياسة النقدية الصادر اليوم إلى: تراجع «توقعات النمو على صعيد عالمي منذ بداية العام، وهو ما يُعزَى بالأساس إلى استمرار حالة عدم اليقين في سياسات التجارة العالمية واحتمالية تجدد التوترات الجيوسياسية. وعليه، اعتمدت البنوك المركزية في الاقتصادات المتقدمة والناشئة على حد سواء نهجاً حذراً بشأن السياسة النقدية في ظل حالة عدم اليقين المحيطة بالتضخم والنمو الاقتصادي».وحتى في ما يتعلق بالتضخم بدا صانع السياسة النقدية المصري حذراً أكثر لا سيما في ظل فوضى الرسوم الجمركية والسياسات الحمائية التي تنتهجها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب. يؤكد بيان لجنة السياسة النقدية على أنه «لا تزال المخاطر تحيط بمسار التضخم، بما في ذلك التوترات الجيوسياسية واحتمالية استمرار الاضطرابات في سياسات التجارة العالمية والصدمات الناجمة عن تغير المناخ».وهو ذات التخوف الذي يبديه جيروم باول رئيس مجلس إدارة الاحتياطي الفيدرالي وبعض زملائه، ناهيك عن أغلب البنوك المركزية في العالم من آسيا إلى أوروبا.على صعيد محلي توقع البنك المركزي المصري أن يستقر المعدل السنوي للتضخم العام عند معدلاته الحالية خلال الفترة المتبقية من عام 2025 قبل أن يعاود تراجعه تدريجياً خلال 2026. يتوقف هذا التغير، حسب لجنة السياسة النقدية، على مقدار التغير في أسعار السلع غير الغذائية وعلى إجراءات ضبط أوضاع المالية العامة (كالتغير في الأسعار المحددة إدارياً) وتأثيرها على الأسعار المحلية. وبناءً على هكذا معطيات، فضّل البنك المركزي المصري التريث في المُضي قدماً في دورة التيسير النقدي، خاصة أن هذا النهج يتيح وقتاً كافياً لتقييم الآثار المحتملة للتغييرات التشريعية المُعلنة في الآونة الأخيرة ومنها تعديلات ضريبة القيمة المضافة.