الدراجات الهوائية تساهم في سعادة الأطفال الهولنديين وتمنحهم قدرة قيادية مستقبلية

يتمتع العديد من الأطفال الهولنديين بحرية حركة لا يتمتع بها معظم الأطفال في العالم، وقد يكون هذا هو سرّ كون الأطفال الهولنديين أسعد أطفال في العالم، وفقاً لتقرير اليونيسف لعام 2025.
وتُقدّم المقالات التي تناقش التقرير إجابات مختلفة حول سبب هذه السعادة، إذ يتمتع الطفل الهولندي برعاية صحية أفضل، وثقافة ثقة عالية، وضغط أقل للتفوق الأكاديمي، ولكن عندما تم سؤال الآباء والأطفال في هولندا عن سبب اعتقادهم بسعادة أطفالهم، كان لديهم جميعاً إجابة واحدة: قبل كل شيء.. يمنح الآباء الهولنديون أطفالهم الاستقلالية.قالت سيدة تُدعى تريسي، أميركية هاجرت إلى هولندا «تتمحور التربية الهولندية حول تربية أطفال مكتفين ذاتياً، ابناي الأكبر سناً (12 و14 عاماً) يقطعان أكثر من 10 كيلومترات يومياً بالدراجة إلى المدرسة نظراً لعدم وجود حافلات مدرسية».
وفقاً لاثني عشر أباً وأماً في هولندا تحدثت CNN معهم، تُركز التربية الهولندية على منح الأطفال حرية الحركة التي لا يتمتع بها العديد من الأطفال الآخرين.والدليل على ذلك أن أمستردام تعج بدراجات الأطفال الهوائية.ترى تريسي أن الأطفال الهولنديين يحصلون على دراجات هوائية في سن مبكرة، وهذا يمنحهم القدرة على التنقل في بلداتهم ومدنهم بأنفسهم، على العكس لا يتمتع معظم الأطفال الأميركيين بأي قدرٍ قريبٍ من هذه الحرية.وفقاً لاستطلاع أجرته مستشفى سي. إس. موت الأميركية للأطفال في عام 2023 حول صحة الأطفال، يُسمح لـ33 في المئة فقط من الأطفال الأميركيين الذين تتراوح أعمارهم بين 9 و11 عاماً بركوب الدراجات أو المشي إلى منزل صديق بمفردهم، ويُسمح لنصفهم بالبحث عن سلعة في المتجر بينما يكون أحد الوالدين في ممرٍّ آخر، ويمكن لـ15 في المئة منهم الاستمتاع بلعبة «خدعة أم حلوى» مع أصدقائهم بمفردهم.ببساطة لا يمكنهم التنقل في العالم دون وجود والديهم.
قيادة المستقبل
قد تكون هناك أسباب عديدة وراء تقييد الآباء الأميركيين لاستقلالية أطفالهم، ولكن يبدو أن السبب الرئيسي هو القلق على سلامة الأطفال.أفاد 40 في المئة من الآباء الأميركيين بقلقهم الشديد على أطفالهم، بينما أفاد 36 في المئة بقلقهم «إلى حدٍّ ما» على أطفالهم، وفقاً لاستطلاعٍ أجراه مركز بيو للأبحاث عام 2023 حول تربية الأطفال في أميركا، وأشار الاستطلاع إلى أن أكثر من 4 من كل 10 آباء يصفون أنفسهم بأنهم مُفرطون في الحماية، ولهذا يُقيّدون حرية حركة أطفالهم.وقد يُقوّض هذا النقص في حرية الحركة تحقيق أحلام الآباء الخاصة بأبنائهم.خلص فريق الباحثين في دراسة مركز بايو إلى أن «السبب الرئيسي لارتفاع معدلات الاضطرابات النفسية للأطفال والمراهقين هو تراجع فرصهم على مدى عقود في اللعب والتجول والمشاركة في أنشطة أخرى مستقلة عن البالغين».ويُجادل الباحثون بأن النشاط المستقل لدى المراهقين يُؤدي إلى الرفاهية التي يصبو إليها الآباء في المستقبل، لأن الأنشطة المستقلة تتطلب من الشباب اتخاذ قراراتهم الخاصة وإيجاد حلولهم الخاصة في الأعمال، ما يُؤدي إلى تطوير عقل قوي، ويخلق قناعة لدى الشخص بأنه يتحكم في حياته ويمكنه حل المشكلات فور ظهورها، بينما تؤدي اعتمادية الأبناء على الأباء في مرحلة المراهقة إلى ضعف مركز التحكم الداخلي في المخ، وبالتالي زيادة معدلات القلق والاكتئاب.وبالفعل يشهد العالم تراجع إقبال من جيل زد على الحفلات، وهذه إحدى نتائج الخوف والقلق المرضي لدى الآباء.