أبوظبي تخطط لمستقبل حضري مبتكر في «قمة البنية التحتية 2025» وتستثمر مليارات الدولارات.

تحت شعار «مدن المستقبل.. إعادة تصور البنية التحتية للارتقاء بأنماط الحياة»، عُقدت فعاليات «قمة أبوظبي للبنية التحتية 2025» بين 17 و18 من يونيو الحالي حاملة رؤية طموحة تُعيد رسم ملامح الحياة الحضرية من خلال بنية تحتية مستدامة لا تقوم فقط على الإسمنت والخرسانة، بل على شمولية المجتمعات المستدامة والذكية محورها الإنسان.
الإنسان في قلب المعادلة
تأتي هذه الاستثمارات ضمن خطة تنموية أوسع ضمن رؤية 2030، تستهدف إطلاق مشاريع بنية تحتية بقيمة إجمالية تتجاوز 200 مليار دولار أميركي ونحو 600 مشروع، بمشاركة متزايدة من القطاع الخاص، لتعزيز جودة الحياة واستقطاب الاستثمارات ودعم التحول نحو مدن ذكية ومستدامة.
ويمثّل هذا الزخم في توقيع المشاريع مؤشراً واضحاً على تسارع وتيرة التطوير الحضري في أبوظبي، بالتوازي مع طموحاتها لتكون من بين المدن الأكثر تنافسية وجاذبية في العالم بحلول العقد المقبلوركز عيد على أن الأولوية هي للبنى التحتية الاجتماعية كونها العمود الفقري لهوية المدينة والطريق نحو مستقبل مستدام خاصة أن المدينة تضم أكثر من 190 جنسية، و«نهدف إلى تحسين نمط حياة السكان.. نحن نخاطب شرائح المجتمع كافة ولدينا أكثر من 190 جنسية مختلفة، ولذلك نبني أفضل المدارس وأجمل الحدائق وأرقى المرافق».وركّز المتحدثون خلال القمة على رسالة محورية واحدة: يجب أن تخدم البنية التحتية الإنسان أولاً؛ من التنقل الذكي، والمساحات العامة المقاومة للمناخ، إلى أنظمة الإسكان القائمة على الذكاء الاصطناعي كخطوة لتتجاوز أبوظبي النماذج التقليدية للتنمية.وتضمنت الجلسات الرئيسية موضوعات مثل دمج الطبيعة في التخطيط الحضري، وإعادة توظيف البنية التحتية الحالية لخدمة مفاهيم التنقل المتعدد، وتصميم مساحات عامة مرنة وشاملة ومتصلة رقمياً.
شراكات استراتيجية
شهدت القمة مشاركة أكثر من 70 متحدثاً بارزاً، وتوِّجت بتوقيع 15 اتفاقية شراكة استراتيجية من أبرزها توقيع مركز أبوظبي للمشاريع والبنية التحتية مذكرات تفاهم مع تسع مؤسسات أكاديمية مرموقة، منها جامعة الإمارات، وسوربون أبوظبي، وجامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، لتطوير مشاريع بحثية مشتركة ومناهج تعليمية متخصصة وبرامج تدريب ميداني.وتبني هذه الشراكات جسراً بين التعليم الأكاديمي والتنفيذ العملي لإعداد أجيال قادرة على البناء والابتكار.وصلت حصيلة المشاريع التي وافق عليها مركز أبوظبي للمشاريع والبنية التحتية في 2024 إلى 144 مشروعاً رئيسياً بميزانية إجمالية تبلغ 66 مليار درهم إماراتي (نحو 18 مليار دولار)، تشمل قطاعات الإسكان والتعليم والسياحة والموارد الطبيعية.. وخلال عام 2024 بالكامل تم إنجاز مشاريع بقيمة 29 مليار درهم.
الخطة الخمسية
ضمن رؤية 2030 تستهدف أبوظبي 600 مشروع بقيمة إجمالية تصل إلى 200 مليار دولار، وأحد المحاور الرئيسية للقمة كان إعلان خريطة طريق المشاريع الرأسمالية 2025–2029، التي تمثّل استراتيجية تحول شاملة ترتكز على ستة محاور: جودة الحياة، وتلبية احتياجات المجتمع، وتعزيز مشاركة القطاع الخاص، والأثر الاقتصادي المحلي، والاستدامة، والتحول الرقمي.وتهدف هذه الخطة إلى زيادة مساهمة القطاع الخاص في المشاريع الرأسمالية بنسبة 20 في المئة سنوياً وتوجيه 30 في المئة من الإنفاق الرأسمالي للاقتصاد المحلي والالتزام الكامل بسياسات الحياد المناخي 2050 بحلول نهاية 2025 إلى جانب إطلاق منصة رقمية مركزية للجهات الحكومية في عام 2026.كما تشمل الخطة جذب 20 مطوراً ومقاولاً عالمياً جديداً، وتعزيز التصنيع المحلي لمكونات البنية التحتية، وبناء قدرات وطنية عبر برامج تدريبية ومراكز بحثية.
الفخامة والصحة في الأولوية
لم تغب مفاهيم العقارات الفاخرة والبنية التحتية الصحية عن جدول أعمال القمة، وناقش مطورون عقاريون ومصممون كيف باتت الرفاهية ترتبط اليوم بالمشاعر وجودة الهواء والتواصل مع الطبيعة أكثر من المظاهر الخارجية.في الجلسة الختامية، أكد جورج باسكال هبر، الرئيس التنفيذي لمستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي، تحول الإمارة إلى مركز عالمي للرعاية الصحية قائلاً «الصحة اليوم لا تقتصر على المستشفيات، بل يجب أن تكون مدمجة في تفاصيل البنية التحتية للمدينة كلها».يُذكر أن أبوظبي تحتل المرتبة الخامسة عالمياً من بين 146 مدينة كبرى ضمن مؤشر المدن الذكية (IMD 2025) بعد أن كانت في المرتبة العاشرة عام 2024، ويعود الفضل إلى شبكات النقل وتغطية الواي فاي والمساحات الخضراء والمبادرات الذكية للبنية التحتية.كما جاءت أبوظبي في المرتبة الـ35 عالمياً (برصيد 704 نقاط) في مؤشر المراكز المالية العالمية (GFCI – مارس 2025)، وحصلت على المرتبة الـ69 عالمياً (بمعدل 73.2 نقطة) في مؤشر جودة المعيشة (ميرسر 2024).