مستقبل خدمات الصحة في الشرق الأوسط: ما الذي يمكن توقعه؟

مستقبل خدمات الصحة في الشرق الأوسط: ما الذي يمكن توقعه؟

يقف قطاع الرعاية الصحية في الشرق الأوسط على أعتاب ثورة الذكاء الاصطناعي والرقمنة التي ستؤدي إلى تحول شامل في تقديم الرعاية الصحية ورعاية المرضى.ويمكننا أن نتوقع أن يحمل المستقبل رعاية شخصية فائقة مدعومة بالتكنولوجيا للمرضى تتجاوز الحدود الجغرافية لتوفير الرعاية وتسهيل الحصول عليها، فضلاً عن بروز المنطقة كمركز لطول العمر والعافية ووجهة للسفر من أجل العلاج.
على مدى السنوات الخمس الماضية، أدّت الحلول الذكية المدعومة بخوارزميات الذكاء الاصطناعي والابتكارات التقنية إلى قفزة نوعية في مجال الرعاية الصحية في هذه المنطقة. وفي الواقع، فقد قفزت دول مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية قفزة نوعية تجاوزت بعض الدول الغربية في دمج التقنيات الناشئة في مجال الرعاية الصحية.تشكّل منطقة الشرق الأوسط 4.9% من مساحة اليابسة في العالم إلى جانب 6.34% من سكان العالم الحاليين، حيث يُقدّر عدد سكان الشرق الأوسط بـ507,924,160 نسمة. ومن بين هؤلاء، بلغ عدد سكان دول مجلس التعاون الخليجي وحدها 57.6 مليون نسمة عام 2023 2 وفقاً لتقرير ألبن كابيتال Alpen Capital السنوي حول الرعاية الصحية في دول مجلس التعاون الخليجي لعام 2025، ومن المتوقع أن يصل الإنفاق الجاري على الرعاية الصحية في دول مجلس التعاون الخليجي في المنطقة إلى 159 مليار دولار أميركي بحلول عام 2029، ما يعني معدل نمو سنوياً قدره 7.8%.

خلال فترة التوقعات، من المتوقع أن يرتفع الإنفاق الحالي على الرعاية الصحية في دول مجلس التعاون الخليجي بمعدلات نمو تتراوح بين 4.0% و8.8%.وقد كان هذا التقدم من خمسة محاور:1. الدقة المتناهية مع التشخيص المستند إلى البيانات التي دشّنت حقبة جديدة من الرعاية الوقائية.2. التشخيص الدقيق المدعوم بالذكاء الاصطناعي.. تم عرض أدوات التشخيص الدقيق المدعومة بالذكاء الاصطناعي في معرض الصحة الإقليمي الذي أقيم في الربع الأول من عام 2025 في الإمارات العربية المتحدة حيث عرضت جميع شركات التشخيص التكنولوجي الرائدة فحوصات متطورة للغاية مدعومة بالذكاء الاصطناعي في التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني والتصوير المقطعي المحوسب والأشعة السينية التي كانت قادرة على اكتشاف السرطانات القاتلة قبل سنوات لتمكين الكشف المبكر بنتائج إيجابية واضحة.3. جلبت الروبوتات المتقدمة التي تم إدخالها في المنطقة بأحدث الآلات المتطورة دقة عالية في العمليات الجراحية بالإضافة إلى تقليل وقت التعافي بشكلٍ كبير مرة أخرى ما أدّى إلى تمكين النتائج الإيجابية بعد العمليات الجراحية.4. وقد أتاح فك شيفرة الجينوم البشري نظرة ثاقبة مدهشة للعديد من الأمراض الوراثية، ويساعد برنامج التسلسل الجيني الإماراتي في الإمارات العربية المتحدة على إجراء أبحاث وحلول بارزة للأمراض الوراثية التي تتابعها من كثب العديد من دول المنطقة.5. لقد أتاحت الأجهزة الرقمية القابلة للارتداء والسجلات الطبية الإلكترونية والتطبيب عن بُعد ومثل هذه الأساليب المبتكرة الجديدة فرصة للرعاية الصحية للاستفادة من الواقع الافتراضي والمراقبة عن بُعد وتصميم حلول مخصصة ومصممة خصيصاً للمرضى.في حين أن التقدم الطبي يشبه أحد جوانب مكعب روبيك من ناحية التعقيد، فإن الاستثمار الكثيف هو جانب آخر، والشرق الأوسط مهيأ لذلك حيث نشهد عصراً جديداً من الشراكات بين القطاعين العام والخاص التي تتجه نحو بناء قطاع رعاية صحية قوي.وقد نما سوق الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية من 78 مليار دولار أميركي عام 2021 إلى 320 مليار دولار أميركي متوقعة بحلول عام 2030. ومن المتوقع أن تنمو المساهمة السنوية للذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط والإمارات العربية المتحدة بنسبة 34%. ويساعد استخدام الروبوتات في مجال الرعاية الصحية أو المجال الطبي على تعزيز الرعاية الصحية الرقمية، حيث من المتوقع أن يحقق القطاع 626.10 مليون دولار أميركي عام 2024 ليصل إلى 811.30 مليون دولار أميركي بحلول عام 2028. ويُقدر معدل النمو السنوي المركب (CAGR) لهذه الفترة بنسبة 6.69%4في المستقبل، يمكننا أن نتوقع أن يتبنى تقديم الرعاية الصحية في المستقبل تقديم الرعاية الصحية بشكل شخصي للغاية لكل مريض وفقاً لاحتياجاته الفريدة والفردية، مع تمكين التكنولوجيا لدعم متطلباته اليومية. وباستخدام الذكاء الاصطناعي والتطبيب عن بُعد والروبوتات والتكنولوجيا القابلة للارتداء وميزات الرعاية المنزلية سيتجاوز مقدمو الرعاية الصحية الحدود بين المرافق الصحية التقليدية والمتطورة، ويشجّعون التدخل المبكر والإجراءات الوقائية، ما يقلل بشكل كبير العبء الناجم عن أنظمة الرعاية الصحية القائمة على الاستجابة للمرض.تستقطب البنية التحتية الراسخة للرعاية الصحية في الإمارات العربية المتحدة المرضى من المجتمعات الغربية المعتمدة على الحكومات التي لديها فترات انتظار طويلة. وبالمثل، تستقبل بلدان مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية مرضى من البلدان النامية يبحثون عن رعاية طبية متقدمة، حيث استطاعت هذه البلدان توفير أفضل تجربة لهم. ويمكننا أن نتوقع نمو هذا الاتجاه، حيث لا يعطي المرضى الأولوية لأفضل الخبرات الطبية فحسب، بل أيضاً لأفضل تجربة خدمة. ومن المتوقع أن تتصدر المستشفيات في الإمارات العربية المتحدة، بفضل انتماءاتها واعتماداتها الدولية مثل اللجنة الدولية المشتركة، الريادة في هذا القطاع.كما أن تركيز دولة الإمارات العربية المتحدة على مجتمع سعيد ومتماسك في خطة مئوية الإمارات 2071 يضع أيضاً معياراً للرعاية الصحية، حيث تهدف إلى تطوير البنية التحتية والخبرات والخدمات التي تتفوق على المعايير الدولية، مع التركيز على الأمراض المرتبطة بنمط الحياة التي تعزز السياحة العلاجية، ويدعم ذلك أيضاً التركيز على الصحة والعافية والرعاية الوقائية التي تؤدي أيضاً إلى زيادة الاهتمام بطول العمر والطب التجديدي في العصر الجديد.وستواصل دول أخرى خاصة في دول مجلس التعاون الخليجي مثل قطر والكويت وعُمان والبحرين، الارتقاء بجودة الرعاية الصحية من خلال مبادرات الذكاء الاصطناعي والروبوتات في مجال عمليات التنظير وأدوات مراقبة القلب ودعمها بالروبوتات.د. أزاد موبين، مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة أستر دي إم للرعاية الصحيةتم إعداد هذه المقالة لصالح CNN الاقتصادية، والآراء الواردة فيها تمثّل آراء الكاتب فقط ولا تعكس أو تمثّل بأي شكل من الأشكال آراء أو وجهات نظر أو مواقف شبكة CNN الاقتصادية