إيران… مساران نحو هدف واحد؟!

إيران… مساران نحو هدف واحد؟!

حدث ما كان النظام الإيراني يخشاه ويتمنى عدم حدوثه عندما فعّلت أوروبا آلية الزناد، وهو ما يؤذن بعودة عقوبات مجلس الأمن الدولي لتطوقه. وهذا يعني أن كل ما بذله من أجل الحيلولة دون الأمر قد ذهب سدى، وأن النظام، في حال إصراره على عدم الخضوع للمطالب الدولية، عليه انتظار مصير مجهول، وخصوصا أن أوضاعه المختلفة وصلت إلى مستوى غير مسبوق من التدهور.

النظام الإيراني كان ولا يزال يراهن على الاختلافات الدولية ويسعى إلى اللعب عليها. لكن التنسيق الجاري بين البلدان الأوروبية والولايات المتحدة في شأن الموقف من المفاوضات النووية قد أحبط محاولات طهران في هذا السياق. إن التهديدات التي يلوح بها النظام، وخصوصا انسحابه من معاهدة حظر الانتشار النووي، لا يمكن أن تفيده بشيء، لأن الانسحاب في هذا التوقيت يشكل خطراً وتهديداً محدقاً بالأمن والسلام العالمي.

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان.

منذ أكثر من ثلاثة عقود، كان التواصل الدولي مع النظام الإيراني يسعى إلى ثنيه عن السير في اتجاهات تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم. ومع كل المزايا والإغراءات المختلفة التي وُضعت أمامه من أجل تحقيق ذلك الهدف، ظل يمارس الكذب والخداع في التعامل الدولي، فيتعهد بشيء علنا، ويفعل عكسه سرّا. وهذه حقيقة مرة صار من الصعب على المجتمع الدولي أن يتقبلها، ويريد وضع حدٍ لها، وإن تفعيل آلية الزناد قد حسم الموقف.

شروط كبح البرنامج النووي
الیوم لا یخفى علی أحد أن المقاومة الإیرانیة وعمودها الفقري “منظمة مجاهدي خلق” الإیرانیة التي‌ ستدخل في السادس من أيلول / سبتمبر 2025 من هذا العام العقد السابع من عمرها، کانت الجهة الوحیدة التي کشفت عن البرنامج النووي السري للملالي للمرة الأولى عام 2002 وعملت علی صحوة المجتمع الدولي‌ تجاهه،‌ واستمرت لیس بتعریات عدیدة مهمة جدا عن هذا المشروع اللاوطني للنظام طیلة 23 عامًا علی التوالي فحسب، بل کانت المحرکة والمناشدة الرئیسية لفرض العقوبات على نظام الملالي. وعلى مر السنين، حددت السيدة مريم رجوي مراراً الشروط الفنية والواضحة لكبح جماح البرنامج النووي الإيراني. إن تجاهل القوى العالمية لهذه الشروط أدى إلى تمكين النظام الإيراني، خصوصا في ظل الاتفاق النووي، من مواصلة تطوير بنيته التحتية النووية بالتزامن مع استفادته اقتصادياً من رفع العقوبات. والنتيجة هي اعتراف الغرب اليوم صراحة بوجود “مخزون من اليورانيوم يتجاوز الحد المسموح به بتسع مرات”.

تبعات تفعيل آلية الزناد
يُعدّ القرار الأخير الذي اتخذته الدول الأوروبية الثلاث ببدء عملية “سناب باك” مؤشراً لتحول تدريجي في النهج الغربي نحو الواقعية. وكما اعترف أحد خبراء النظام، فإن هذه الآلية تشكل تهديداً خطِراً لـ”البنية الاجتماعية والسياسية” للنظام. عودة العقوبات الدولية ستضع النظام الإيراني في عزلة مطلقة، وكما اعترف عضو في مجمع تشخيص مصلحة النظام، ستتحول البلاد إلى “طاعون” يخشى الجميع الاقتراب منه. هذه الضغوط ليست اقتصادية فحسب، بل إنها ذات طبيعة سياسية قادرة على زعزعة التماسك الهش داخل هيكل السلطة، مما يجعل آلية الزناد أداة لنزع الشرعية عن النظام على المستوى الدولي.

الآفاق والحل النهائي
خيارات النظام الإيراني في مواجهة هذا التطور تتحدد في طريقين لا ثالث لهما: الأول هو الإذعان والقبول بالمطالب الدولية، مما يضعه أمام مساءلة كبيرة لدى الشعب الإيراني الذي دفع ثمناً باهظاً بسبب مغامرة البرنامج النووي. حتى إن الأجيال القادمة أيضاً مشمولة بذلك الثمن الباهظ، وهو ما يضع النظام على المحك وقد يؤدي إلى انهياره أو إسقاطه. أما الطريق الثاني فهو استمراره في موقفه المتصلب وإصراره على السير بمشوار إنتاجه للسلاح النووي، ما يعني أنه يتحدى المجتمع الدولي ولا يريد التنازل عن عدوانيته المفرطة. وهذا ما سيجعله في مواجهة موقف لا يُحسد عليه، خصوصاً أنه يواجه أساساً حالة صراع داخلية بين أجنحته. ناهيك بأن الشعب الإيراني نفسه لم يعد في وسعه أن يتحمل هذه المغامرات الحمقاء، ولذلك فإن فرص نجاح النظام في سيره بهذا الطريق معدومة تماماً.

مع تفعيل آلية الزناد، يواجه المجتمع الدولي مرة أخرى اختباراً تاريخياً: هل يحل الحزم هذه المرة محل الاسترضاء؟  
يبدو جلياً أن النظام في حال سيره في أي من الطريقين المذكورين، فإنه يسير في اتجاه واحد لا ینوي الملالي تغییره، وهو اتجاه يؤكد نهايته المحتومة.