صادرات السعودية غير النفطية تواصل النمو وتغير مشهد التجارة.

في مؤشر قوي على نجاح السياسات الاقتصادية التي تنتهجها المملكة ضمن رؤية السعودية 2030، واصلت الصادرات غير البترولية السعودية صعودها اللافت، مؤكدة التحول الاستراتيجي نحو اقتصاد متنوع ومستدام لا يعتمد فقط على النفط، بل يستند إلى قطاعات إنتاجية قادرة على المنافسة العالمية.
وتُعد هذه المؤشرات دليلاً عملياً على إعادة رسم خريطة الاستثمار والتجارة الخارجية للمملكة بما يعزز من مكانتها الاقتصادية إقليمياً ودولياً.
ووفقاً لنشرة إحصاءات التجارة الدولية السلعية لشهر حزيران (يونيو) والربع الثاني من عام 2025، الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء، سجلت الصادرات غير البترولية (شاملة إعادة التصدير) نمواً بنسبة 22.1% في حزيران/يونيو 2025 مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، بينما ارتفعت الصادرات المحلية غير البترولية (باستثناء إعادة التصدير) بنسبة 8.4%، ما يعكس توسعاً حقيقياً في القاعدة الإنتاجية الوطنية.
في الوقت ذاته، قفزت قيمة السلع المعاد تصديرها بنسبة 60.2%، ما يدل على تزايد دور المملكة كمركز لوجستي وتوزيعي إقليمي ودول. وعلى رغم انخفاض الصادرات البترولية بنسبة 2.5%، فقد ارتفعت الصادرات السلعية الكلية بنسبة 3.7%، ما أدى إلى تراجع نسبة الصادرات البترولية من إجمال الصادرات إلى 70.2% في مقابل 74.7% في حزيرانيونيو 2024، في تحول يُعد بمثابة خطوة نوعية في مسار تقليل الاعتماد على النفط.
صادرات (وكالات)
مؤشرات تعكس قوة التحول الاقتصادي
وتشير هذه البيانات إلى أن المملكة تسير بخطى ثابتة نحو بناء اقتصاد أكثر توازناً وتنويعاً، مدعوماً بقطاعات تصنيعية وتصديرية متقدمة، وقدرة تنافسية متزايدة على مستوى التجارة الدولية.
كذلك يعكس ارتفاع الواردات السلعية بنسبة 1.7 في المئة، وتحسن نسبة الصادرات غير البترولية إلى الواردات لتصل إلى 39.2% في مقابل 32.7%، وارتفاع الفائض في الميزان التجاري بنسبة 10.6% مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، متانة الأداء الاقتصادي ويعزز من قدرة المملكة على استقطاب مزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
اقتصاد مستدام
وتعليقاً على هذه النجاحات والمؤشرات الإيجابية، يؤكد مدير مركز رؤية للدراسات الخبير الاقتصادي بلال شعيب لـ”النهار” أن هذه الأرقام تعكس التقدم القوي الذي تحققه المملكة في إطار رؤية 2030 التي تستهدف تنويع الاقتصاد وزيادة مساهمة القطاعات غير النفطية.
ويوضح أن الرؤية ترتكز إلى دعم قطاعات استراتيجية، أبرزها القطاع الصناعي، خصوصاً في مجالات مثل صناعة البتروكيماويات، ما ساهم في تعزيز تدفقات النقد الأجنبي ودعم بناء اقتصاد أكثر تنوعاً.
ويشير إلى أن القطاع السياحي شهد بدوره تطوراً ملحوظاً، إلى جانب قطاعي العقارات والإنشاءات، إذ بدأت المملكة بالاعتماد المتزايد على هذه الصناعات، ليس لتلبية الطلب المحلي فحسب، بل تصدير جزء كبير منها، بما يساهم في إعادة تشكيل خريطة الاستثمار والتجارة.
ويرى أن هذه القطاعات، إلى جانب نماذج ناجحة من المؤسسات والشركات السعودية تساهم في تعزيز التحول الاستراتيجي نحو اقتصاد مستدام ومتعدد المورد، قادر على المنافسة عالمياً.
“المراعي” نموذج للعلامات السعودية العالمية
وتأكيداً للنمو الاقتصادي والقدرة التنافسية للشركات السعودية، صنّفت شركة “براند فاينانس” في تقريرها السنوي لعام 2024، شركة “المراعي” في المرتبة الرابعة عالمياَ ضمن شركات الألبان الأعلى قيمة لعام 2024، وذلك للعام الثاني على التوالي.
وقد سجلت العلامة التجارية لـ”المراعي” نمواً بنسبة 16% على أساس سنوي لتصل قيمتها إلى 3.9 مليارات دولار، ما يجعلها الأسرع نمواً ضمن الشركات الخمس الكبرى.
الصادرات بحسب نوع السلع
وتصدرت منتجات الصناعات الكيميائية قائمة السلع المصدرة غير البترولية بنسبة 24.5% من الإجمالي، تلتها الآلات والأجهزة والمعدات الكهربائية وأجزائها بنسبة 23.3%، ما يدل على اتساع القاعدة الصناعية ونمو الصادرات ذات القيمة المضافة.
أما على مستوى الواردات، فقد شكلت الآلات والأجهزة والمعدات الكهربائية النسبة الكبرى بـ30.6%، في إشارة إلى استمرار الاعتماد على التكنولوجيا العالمية لتلبية احتياجات القطاعات الصناعية والخدمية.
الربع الثاني 2025
وعلى صعيد الربع الثاني من 2025، فقد استمرت مؤشرات النمو، إذ ارتفعت الصادرات غير البترولية بنسبة 17.8% مقارنة بالربع ذاته من 2024، كما زادت قيمة السلع المعاد تصديرها بنسبة 46.2%، واستمرت الصادرات الكيميائية والميكانيكية في تصدر المشهد بنسبة 23.0% و21.7% على التوالي.