اليمن بعد الحوثيين… من سيشغل الفراغ؟

اليمن بعد الحوثيين… من سيشغل الفراغ؟

مع تصاعد الحديث عن احتمال تراجع مليشيا الحوثي في ظل الضربات الإقليمية والدولية المتزايدة، يتنامى التساؤل المحوري: من يملأ الفراغ في حال انهيار الجماعة؟

 

وما هي الجهة المؤهلة لإدارة العاصمة صنعاء ومناطق شمال اليمن بعد سنوات من السيطرة المطلقة للحوثيين؟

في هذا التقرير، نستعرض رؤيتين متكاملتين – وإن اختلفتا في التوقيت والآليات – حول مستقبل ما بعد الحوثي؛ الأولى لمسؤول حكومي بارز يؤكد جاهزية مؤسسات الدولة، والأخرى لمحلل سياسي يرى أن الحديث عن “البديل” سابق لأوانه قبل حسم المعركة ميدانيًا.

تصور حكومي واضح لما بعد الحوثي

قال أسامة الشرمي، وكيل وزارة الإعلام في الحكومة اليمنية، في حديث الى “النهار” أن لدى الحكومة تصورات واضحة ومتكاملة بشأن يمن ما بعد الحوثي، موضحًا أن القيادة السياسية عملت خلال السنوات الماضية على إعادة بناء مؤسسات الدولة، سواء على مستوى السلطات المحلية أو المؤسسات المركزية.

وأضاف: “هذه المؤسسات المركزية هي التي أدارت المناطق المحررة، وهي الجزء الأكبر من اليمن، بإمكانات يمكن وصفها بأنها شحيحة جدًا. لكنها راكمت خلال المرحلة الماضية القدرة على إدارة المناطق المحررة، فكلما تحررت منطقة جديدة، كانت تُدار من خلال مؤسسات الدولة وشخوصها وقراراتها. وعلى هذا الأساس، فلا إشكالية تذكر في زمن ما بعد الحوثي”.

 

 

 الشرعية والتنسيق القبلي

ويشير الشرمي الى أن الحكومة الشرعية تحظى بعلاقات وثيقة مع القبائل، سواء في مناطق سيطرة الحوثيين أو خارجها، لافتًا إلى أن هذا الجانب نال اهتمامًا مبكرًا من القيادة الشرعية منذ ما قبل الانقلاب الحوثي.

وأوضح أنها “بعكس الشرعية، فإن ميليشيا الحوثي تضغط على القبائل وتبتزها وتحاول جرّها إلى صفوفها بالقوة، ما جعل القبائل تعاني من سطوة شديدة، وهذا ما يؤكد أن التنسيق مع المجتمعات القبلية في مناطق الحوثيين يصب في مصلحة الحكومة الشرعية”.

  جاهزية عسكرية وشرطية

وفي ما يتعلق بضبط الأمن في العاصمة صنعاء، أوضح أن المسألة ترتبط بجانبين متكاملين:
أولًا، التعامل العسكري مع بقايا الجماعة، والذي سيتولاه الجيش اليمني بتشكيلاته كاملة. وثانيًا، الجانب الشرطي، الذي تعتمد فيه الحكومة على أجهزة الشرطة السابقة في صنعاء، وتلك التي أُنشئت في المديريات المحررة، إلى جانب القيادات الأمنية في وزارة الداخلية.

وقال: “أجهزة الشرطة التي تعمل حاليًا وفقًا للقانون اليمني النافذ، حتى في مناطق سيطرة الحوثيين، هي امتداد لمؤسسات الدولة، باستثناء الشخصيات التي شاركت في قمع المواطنين أو تعاونت مع الحوثيين بشكل مباشر، فهؤلاء فقط سيتم التعامل معهم وفقًا للقانون. عدا ذلك، لا توجد إشكالات جوهرية في هذا الجانب”.

  سيناريو السقوط أصبح واقعيًا

وأشار إلى أن الحوثيين أمام سيناريوهات متعددة جميعها واردة، مؤكدًا أن الضربات الدولية الأخيرة قد تفتح الباب لانهيارات مفاجئة في صفوف الجماعة.

وختم المسؤول الحكومي اليمني حديثه بالقول: “قد نسمع يومًا أن القادة العملياتيين والوسطيين للحوثيين قد قُتلوا في إحدى الضربات، ما سيتسبب بإرباك شديد داخل الجماعة، ويدفعها إلى التقهقر والانسحاب، ولهذا، فإن سيناريو سقوط الحوثيين في المدى القريب يبدو متوقعًا بشكل كبير، خصوصاً في هذه الفترة”.

 الضربات الجوية لا تسقط الجماعات المسلحة

من جانب آخر، يرى فتحي بن لزرق، المحلل السياسي اليمني ورئيس مؤسسة “عدن الغد للإعلام”، في حديث الى “النهار” أن الحديث عن البديل المحتمل بعد الحوثيين سابق لأوانه، معتبرًا أن الجماعة لن تسقط بالضربات الجوية وحدها، بل تتطلب عملية عسكرية برية شاملة.

وأضاف: “في كل الحروب لم يحدث أن سقطت جماعة إرهابية بالضربات الجوية فقط. هذه الجماعة لن تسقط إلا بوجود عملية عسكرية برية تصل إلى كل المناطق التي تسيطر عليها”.

 معركة وطنية لا فصائلية

ويؤكد أن المعركة مع الحوثيين ليست مسؤولية طرف سياسي معين، بل هي معركة وطنية شاملة تتطلب تضافر كل القوى السياسية والعسكرية التي تسيطر على المناطق المحررة.

وأضاف: “حتى في حال هُزِم الحوثيون عسكريًا، فإن من حقهم التحول إلى كيان سياسي مدني، والمشاركة مثل أي طرف آخر في الحياة السياسية السلمية”.

  لا حاضنة شعبية

ويشدد على أن الحوثيين يفتقرون إلى حاضنة شعبية حقيقية منذ سنوات، وأن ما يطيل أمدهم هو الضعف والفشل لدى بقية الأطراف.

ويتابع: “لدى الحوثيين مشروع إقصائي طائفي عنصري، لا يمكن أن يقبله الشعب اليمني. فالشعب لن يرضى أن يكون مواطنًا من الدرجة الثالثة أو الرابعة”.

  مشروع لا يؤسس لدولة

ويرى أن نقاط ضعف الحوثيين كثيرة، أهمها غياب المشروع السياسي الجامع، وافتقارهم لأي برنامج لبناء دولة أو تقديم خدمات أو حماية الحريات.

ويعتبر  أن “مشروع الحوثيين لا يؤسس لدولة، ولا يضمن حضورًا اجتماعيًا متساويًا، ولا يقدم خدمات، ولا يدفع رواتب، ولا يحترم أي حقوق أو حريات”.