لحظة استهداف قادة إيرانيين في بغداد ليل السبت: FactCheck من النهار.

تتداول العديد من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو بمزاعم أنه يظهر “لحظة استهداف قائدين إيرانيين بقصف جوي في بغداد ليل أمس السبت”. إلّا أنَّ هذا الادّعاء خاطئ، والفيديو يعود لقصف مسيّر لمعسكر التاجي في حزيران الماضي. FactCheck#
“النّهار” دقّقت من أجلكم
في الادّعاء المتداول، فيديو يظهر استهدافاً عسكرياً ليلياً. وأرفق بتعليق (من دون تدخّل): “الليلة الماضية، قُتل قائدان ايرانيان في قصف على بغداد”.
لقطة من الفيديو المتناقل بالمزاعم الخاطئة (فايسبوك)
وقد تحقّقت “النّهار” من الادّعاء، واتّضح أنَّه غير صحيح:
1- بالبحث العكسي عن الفيديو، عبر محرك غوغل، تبين أنَّه نشر في 24 يونيو/حزيران الماضي، في صفحات ووسائل إعلام عراقية، ضمنها قناة “العراقية الإخبارية” الرسمية. وهو لاستهداف رادار تابع للجيش العراقي في معسكر التاجي بالعاصمة بغداد، عقب وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل.
قصف الرادار الفرنسي في معسكر التاجي في بغداد. قصف من طهران إلى بغداد!! pic.twitter.com/SZVEYBx1yq
— Mohamad Ahwaze (@MohamadAhwaze) June 24, 2025
لقطة شاشة من الفيديو الأصلي (يوتيوب)
2- أصدرت وزارة الداخلية العراقية خلال الساعات الماضية بياناً رسمياً نفت فيه الأنباء عن وقوع تفجير موجّه قرب مطار بغداد. وأكّدت أنَّ الوضع الأمني في العاصمة آمن ومستقر، ولم تُسجل أي حوادث من هذا النوع، مشددةً على أنَّ هذه الأخبار “عارية تماماً من الصحة وتهدف إلى إثارة البلبلة بين المواطنين”.
بيان وزارة الداخلية العراقية (فايسبوك)
3- بمراجعة المصادر الإيرانية ووسائل الإعلام العربية والدولية، اتّضح أنَّه ليست هناك إشارة إلى حدث مماثل في بغداد بشأن اغتيال قادة إيرانيين.
ماذا حصل في حزيران؟
في الساعات الأخيرة من يوم 23 يونيو/حزيران، وعقب الإعلان عن التوصّل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، استهدف رادار عسكري تابع للجيش العراقي في معسكر التاجي ببغداد.
وقال الناطق باسم القائد العام للقوات المسلّحة العراقية إنَّه “اعتداء غادر وجبان”. وأوضح أنَّ مجموعة من الطائرات الانتحارية المسيّرة الصغيرة استهدفت عدداً من المواقع والقواعد العسكرية العراقية. وأدّى الاستهداف إلى إحداث أضرار كبيرة بمنظومتي الرادار في معسكر التاجي شمال بغداد، وقاعدة الإمام علي في محافظة ذي قار، من دون وقوع أي خسائر بشرية.
استهداف رادار تابع للجيش العراقي في بغداد (وكالات)
وعقب الاستهداف، نشر المدوّن المقرّب من الميليشيات المسلّحة العراقية عباس العرداوي منشوراً في حسابه على إكس، حذفه لاحقاً واحتفظت “النّهار” بنسخة رقمية منه في أرشيف الإنترنت، وقال فيه: “ماكو شي رادار فرنسي بقاعدة التاجي قدم خدماته بالعدوان الاسرائيلي تم إحالته للسكراب”، وذلك في تلميح إلى علمه بمعلومات الاستهداف، ولكون الرادار “قدّم خدمات لإسرائيل”.
لقطة لمنشور العرداوي المحذوف (أرشيف الإنترنت)
كذلك، نشرت قناة “الوحدة 8000” التابعة للميليشيات العراقية منشوراً حذفته لاحقاً هي الأخرى، واحتفظت “النّهار” بنسخة منه، وجاء فيه: “مصدر أمني للوحدة 8000: طائرة مسيّرة انتحارية نفذت ضربة دقيقة على المطار العسكري للقوات الأميركية ’وحدة الرادار‘ المتمركزة في معسكر التاجي”.
لقطة لمنشور
وفي 25 يونيو/حزيران، أصدرت وزارة الدفاع العراقية بياناً أعلنت فيه تنفيذ مذكّرة قبض قضائية بحق عباس العرداوي، على خلفية نشره “تدوينة تحريضية تعمّد فيها الإساءة إلى المؤسسة الأمنية والتشهير بها، وما ينطوي على ذلك من إضرار بالأمن القومي”.
وقالت إنًّ “حرية التعبير حق مكفول عملت الحكومة العراقية على حمايته وتعزيز أسسه القانونية. إلّا أنَّ هذه الحرية تقف عند حدود الأمن القومي والمصالح العليا للبلاد”.
وتم الإفراج عن العرداوي لاحقاً بكفالة مالية، وفقاً لوسائل إعلام محلية.
وفي 18 يوليو/تموز، أصدر المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بياناً أكّد فيه أنَّ الاستهداف تم باستخدام طائرات مسيّرة انتحارية هاجمت منظومات دفاعية في قواعد عسكرية عدّة داخل البلاد.
وأفاد بأنَّه تم تحديد منشأ الطائرات المسيّرة المستخدمة في الهجمات، والتي تبيّن أنَّها تحمل رؤوساً حربية بأوزان مختلفة ومُصنّعة خارج العراق، مشيرا إلى أنَّها انطلقت من مواقع محددة داخل الأراضي العراقية، وتم الكشف عن الجهات المتورطة في تنفيذ هذه العمليات وتنسيقها.
وعلى الرغم من أنَّ نتائج التحقيق في الهجوم لم تعلن صراحة الجهة المسؤولة عن الاستهداف، إلّا أن صحيفة “العالم الجديد” نشرت تقريراً في 19 من الشهر ذاته، ضمّنته معلومات، نقلاً عن مصادر رفيعة المستوى، أشارت إلى أنَّ لجنة التحقيق توصّلت إلى “معلومات مضللة” بشأن الجهة التي تقف وراء تفجير الرادارات، وحمّلت إسرائيل مسؤولية تلك الهجمات.
وقالت المصادر للصحيفة إنَّ “رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، حين استلم تقرير اللجنة الذي يتهم إسرائيل بعملية الاستهداف، أبدى امتعاضه وعدم اقتناعه. ووصف التقرير بالبائس، لأنَّه كان يعلم بالحقيقة، مما دفعه إلى إنهاء عمل اللجنة المذكورة، وإحالة الضباط الأعضاء فيها، بكتاب واحد، على أمرة المحاربين (في مديرية شؤون المحاربين المرتبطة بوزارة الدفاع)، لتعمدهم التضليل”.
وأشارت إلى أنَّ “السوداني شكّل لجنة أخرى توصّلت إلى أنّ الجهة التي تقف وراء تلك الهجمات جهة سياسية تمتلك جناحاً عسكرياً مهماً ومؤثراً في الداخل العراقي”.
وتحفظّت صحيفة “العالم الجديد” عن كشف اسم هذه الجهة لحساسية المعلومة، وتركت ذلك للجهات الرسمية. لكنها لفتت، وفقا لما نقلت عن مصادرها، إلى أنَّ الطائرات الثلاث التي قصفت الرادارات هي من صنع واحد، وتابعة لجهة واحدة. وبيّنت أنَّها انطلقت من منطقة جرف الصخر التابعة لمحافظة بابل، بحسب خط سير تلك الطائرات.
وذكرت أنَّ “السوداني أبدى إصراراً هذه المرّة على محاسبة المتورطين، رغم رفض الجهة المتهمة بذلك تحت ذريعة مشاركتها في عمليات التحرير، وتضحياتها في دحر الإرهاب، وتقديم الشهداء في سبيل تحرير البلاد من داعش الإرهابي”.