طلاب الحافة الأمامية موزعون على 18 مركزًا… وإلغاء التعليم الإلكتروني العام المقبل لـ 5200 طالب

طلاب الحافة الأمامية موزعون على 18 مركزًا… وإلغاء التعليم الإلكتروني العام المقبل لـ 5200 طالب

لم تبدأ عملية إعادة إعمار ما هدمه العدوان الإسرائيلي، وخصوصاً في بلدات الحافة الأمامية. وكان من ضمن ما تهدم المدارس والمهنيات، ما يفرض على مئات التلامذة التأقلم مع واقع غير طبيعي للعام الثالث. فما عدد المدرس المدمرة؟ وإلى أين توجه تلامذتها؟

لا يشعر جاد ابن الأعوام الـ12 بالارتياح بعدما تنقل بين 4 مدارس خلال 3 أعوام. فالتلميذ الذي بدأ دراسته في مدرسة القلبين الأقدسين في بلدة عين إبل الحدودية، اضطر إلى النزوح مع عائلته من بلدة حولا الحدودية في خريف 2023 مع تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية.

العائلة نزحت إلى منطقة النبطية في محطة أولى من رحلة النزوح، وبعد تراجع أعداد التلامذة في عين إبل كان الخيار اعتماد التدريس عن بعد بما يكتنفه من صعوبات لمعظم التلامذة، لضعف الإنترنت سواء في أماكن النزوح أو في الشقق ومراكز النازحين.

لم تمض فترة قصيرة حتى كان النزوح الثاني في اتجاه الساحل، وبعد تصاعد العدوان اضطرت العائلة أسوة بآلاف العائلات إلى النزوح نحو بيروت أو مناطق شمالية.

بعد بدء سريان اتفاق وقف النار عادت إلى إحدى بلدات النبطية لتعذر الرجوع إلى بلدتها حولا المدمرة، وبدأت عاماً دراسياً في مدرسة حملت الرقم 4 خلال 3 سنوات، مع ما يتركه ذلك من تداعيات على التلامذة لأسباب عدة، ما أدى إلى تراجع واضح في المستوى الدراسي بين المدرسة الأولى والمدارس اللاحقة، عدا عن ظروف النزوح ومصاعبها.

تلك عينة من آلاف العينات من الجنوب بعد 9 أشهر على سريان اتفاق وقف النار.

فقضية التلامذة النازحين من القرى الحدودية موضوع شائك وأزمة يجب معالجتها لأنها تتعلق بجيل كامل من الطلاب الذين تراجع مستواهم الدراسي منذ أيام كورونا، وصولا إلى الحرب. وإضافة إلى اقتلاع التلامذة من بيوتهم وبلداتهم ومن بين أصدقائهم وأقربائهم، جاء اقتلاعهم من مدارسهم.

وبحسب المهندس طارق مزرعاني، والد جاد، فإن كل ذلك تغيّر فجأة بعد الانتقال إلى أماكن عدة، ويقول: “كثرة الانتقال من مكان إلى آخر انعكست سلباً على أهالي البلدات الحدودية، وهناك من أجبر على تسجيل أولاده في أربع مدارس في شكل متعاقب، وثمة تلامذة تنقلوا بين 3 أو 4 مدارس في العام الدراسي عينه”.

وتضاف إلى تلك المعاناة ظروف السكن وطبيعة الشقق التي استأجروها، ومنها غير صالح للسكن أصلاً، لكن بسبب ارتفاع الطلب عليها كان القبول بأي مكان يؤوي هذه العائلة أو تلك، وبالتالي السكن في ظروف غير ملائمة للتلامذة وذويهم، وحياناً كانت أكثر من عائلة تسكن في الشقة الواحدة.

تشير الإحصاءات إلى أن عدد المدارس المدمرة يصل إلى 14 مدرسة، فيما تلك المدمرة كليا أو المتضررة كليا عددها 105، والمتضررة جزئياً 153. أما على صعيد المهنيات فإن 8 مهنيات دمرت كليا، وتضررت بشكل كبير 12 مهنية.

هذه المدارس والمهنيات معظمها في محافظتي الجنوب والنبطية.

وبحسب وزارة التربية، فقد تم استحداث مراكز جديدة بدل تلك المدمرة أو المتضررة خارج بلدات الحافة الأمامية، وهناك إعادة ترميم لمدارس في بلدات أمامية ومنها الخيام. ولا أحصاء بعد لأعداد التلامذة الذين اضطروا إلى مغادرة بلداتهم، بسبب تنقل أهاليهم من منطقة إلى أخرى ومن مدرسة إلى أخرى، ولكن بحسب الأرقام الأولية فإن ما يقارب 5200 تلميذ غادروا مدارسهم في بلدات الحافة الأمامية في محافظة النبطية، بينهم 3787 تلميذاً في المدارس المقفلة بسبب الاعتداءات، و1422 في الثانويات. أما في قضاء صور فالعدد أقل بكثير، ولا سيما أن 6 مدارس قد دمرت كليا.

وبالنسبة إلى عقود الأساتذة مع المدارس التي دمرت أو تضررت كلياً، فإن إجراءات الوزارة تقضي بالحفاظ عليها مهما كانت نوعيتها، وكل أستاذ سيتابع مع تلامذته في المنطقة التي انتقل إليها.

ويبقى السؤال الأساسي: هل يمكن إعادة بناء تلك المدارس؟ وقبل ذلك، متى تكون عودة الأهالي المرتبطة أصلاً بإطلاق إعادة الإعمار؟

لا يبدو أن ذلك سيكون قريباً أو على الأقل خلال العام الدراسي الحالي، ما يبقي معاناة التلامذة وأهاليهم على حالها.