تحقق “النهار”: ما صحة الأخبار حول الإنزال الجوي الإسرائيلي في الكسوة بالقرب من دمشق؟

المتداول: صورة تظهر، وفقاً للمزاعم، “مدينة الكسوة بريف دمشق قبل قليل”، خلال انزال جوي اسرائيلي قرب دمشق.
الا أنّ هذا الادعاء غير صحيح.
الحقيقة: الصورة تظهر الدخان يتصاعد من حريق بعد انفجار أعقب غارة إسرائيلية على منطقة الشويفات في بيروت، في وقت مبكر من يوم 6 تشرين الاول 2024. FactCheck#
“النّهار” دقّقت من أجلكم
تظهر الصورة الليلية دخانا يتصاعد من كتلة نار وسط ابنية. وقد انتشرت خلال الساعات الماضية في حسابات ومواقع اخبارية كتبت معها (من دون تدخل): “الكسوة قبل قليل”.
الصورة المتناقلة بالمزاعم الخاطئة (فايسبوك)
الصورة المتناقلة بالمزاعم الخاطئة (انترنت)
إنزال جوي إسرائيلي في موقع عسكري قرب دمشق بعد استهدافه بغارات
تزامن انتشار الصورة مع إعلان وسائل إعلام سورية رسمية، فجر اليوم الخميس، أنّ الجيش الإسرائيلي نفّذ إنزالا جويا في موقع عسكري قرب دمشق بعدما استهدفه بغارات جوية يومي الثلثاء والأربعاء، على ما ذكرت وكالة “فرانس برس”.
وكان الجيش الإسرائيلي قصف الثلثاء هذا الموقع القريب من مدينة الكسوة في ريف دمشق، ممّا أسفر عن مقتل ستة جنود سوريين، وفقاً لوزارة الخارجية السورية. وجدّدت إسرائيل قصف هذا الموقع مساء الأربعاء، بحسب التلفزيون الرسمي السوري.
ونقلت “سانا” عن مصدر حكومي قوله إنّه يوم الثلثاء عثر عناصر من الجيش السوري خلال قيامهم بجولة ميدانية قرب جبل المانع “على أجهزة مراقبة وتنصّت. وأثناء محاولة التعامل معها، تعرّض الموقع لهجوم إسرائيلي جوي أسفر عن ارتقاء عدد من الشهداء وإصابات وتدمير آليات”.
من جهته، قال مسؤول في وزارة الدفاع السورية لوكالة “فرانس برس”، طالبا عدم نشر اسمه، إنّ الموقع المستهدف في تلّ المانع كان قاعدة عسكرية سابقة. وأضافت “سانا” أنّه مساء الأربعاء، “شنّت الطائرات الإسرائيلية غارات عدّة على الموقع أعقبها إنزال جوّي لم تُعرف تفاصيله بعد، وسط استمرار التحليق المكثف لطيران الاستطلاع”.
من جهته، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي يتخذ من بريطانيا مقرا له، ويعتمد في سوريا على شبكة من المصادر الميدانية، إنّ الموقع المستهدف في تلّ المانع هو “مستودع ضخم للصواريخ، كان يُستخدمه سابقا حزب الله” اللبناني المدعوم من إيران. وأضاف أنّه مساء الأربعاء “حلّقت أربع مروحيات إسرائيلية على ارتفاع منخفض في منطقة الكسوة بريف دمشق، وهبطت مظلات لمباشرة عملية إنزال وتفتيش في الموقع”.
وبحسب المرصد، فإنّ هذا الإنزال الجوي الإسرائيلي هو الأول من نوعه في سوريا منذ سقوط نظام الرئيس بشار الأسد.
حقيقة الصورة
الا ان الصورة لا علاقة لها بهذه التطورات، وفقاً لما يتوصل اليه تقصي حقيقتها.
فالبحث العكسي يوصلنا الى خيوط تقودنا اليها مؤرشفة في موقع وكالة EPA (الوكالة الأوروبية للصور الصحافية)، مع شرح انها تظهر “دخاناً يتصاعد من حريق بعد انفجار أعقب غارة إسرائيلية على منطقة الشويفات في بيروت بلبنان، في وقت مبكر من يوم 6 تشرين الاول 2024”.
وشهد السبت 5 تشرين الاول 2024 تصعيداً عسكرياً إسرائيلياً عنيفاً في معظم المناطق اللبنانية، بخاصة في الضاحية الجنوبية لبيروت، وفقا لتقارير اعلامية. وقالت وسائل إعلام لبنانية رسمية إن خمس غارات إسرائيلية ضربت جنوب بيروت وضواحيها خلال ليلة 5 تشرين الأول 2024، أربع منها “عنيفة للغاية”.
وبعد نهار طويل من الغارات على الضاحية الجنوبية في الليلكي وبرج البراجنة وعين السكة وحي السلم وحي الجورة، تلقى أهالي الضاحية ليلاً إنذارات في أحياء حارة حريك والشويفات والغبيرة وغيرها لإخلاء هذه المناطق. ولم يمض وقت حتى انهالت غارات بالغة العنف نشرت الحرائق في كل مكان وتسببت بانفجارات ضخمة ناجمة بسبب انفجار خزانات المحروقات ونقاط تحوي مستلزمات طبية التي تحوي أنابيب الأكسجين، على ما أورد موقع “اذاعة مونت كارلو الدولية”.
وكان هذا نتيجة فعلية لما أدلى به وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في زيارته الأخيرة لبيروت، حيث أكد على إصرار إيران على رفض حرب الجنوب والحرب على غزة، على ما قال الموقع.
بدورها، حاولت إسرائيل لأكثر من مرة دخول الأراضي اللبنانية في كفركلا ومرجعيون والعديسة، وحصلت التحامات بين حزب الله والقوات الإسرائيلية. وبالتزامن مع العمليات العسكرية، نجحت إسرائيل في تنفيذ عمليات أمنية باغتيال مسؤول في حركة حماس في الشمال سعيد عطالله برفقة عائلته، أثناء قصف شقته السكنية في مخيم البداوي للاجئين الفلسطينيين في طرابلس، واستهدف الجيش الإسرائيلي أيضاً علي الحاج، مسؤول للجماعة الإسلامية في البقاع الغربي.
وأعلن الجيش الإسرائيلي في 6 تشرين الأول 2024 أنه نفذ سلسلة من “الضربات الموجهة” خلال الليل على عدد من المنشآت والبنى التحتية التابعة لحزب الله في منطقة بيروت، وفقاً لما ذكرت وكالة EPA. وكان وزير الصحة اللبناني فراس أبيض أعلن في 4 منه أن نحو ألفي شخص أصيبوا.
تقييمنا النهائي: اذاً، ليس صحيحاً ان الصورة المتناقلة تظهر “مدينة الكسوة بريف دمشق قبل قليل”، خلال انزال جوي اسرائيلي قرب دمشق. في الحقيقة، هذه الصورة تظهر دخاناً يتصاعد من حريق بعد انفجار أعقب غارة إسرائيلية على منطقة الشويفات في بيروت، في وقت مبكر من يوم 6 تشرين الاول 2024.