خلاف مقاطعة المؤثرين… ما الأسباب وراء تراجع دعم الجمهور لـ ‘مجموعة دبي’؟

خلاف مقاطعة المؤثرين… ما الأسباب وراء تراجع دعم الجمهور لـ ‘مجموعة دبي’؟

لطالما امتلأت هواتفنا بأخبار ومحتوى المؤثرين في دبي على مواقع التواصل الاجتماعي، من يومياتهم إلى فعالياتهم المختلفة. بعضنا كان يستغرب هذا النوع من المحتوى والثروة الفاحشة التي بلغها بعض المؤثرين، بينما كان آخرون يدعمونهم ويتابعونهم بدقة واستمرارية.

في الآونة الأخيرة، تفاقم المشهد ليأخذ طابعاً أكثر ترفاً، من نشاطات ومقتنيات فاخرة وصولاً إلى احتفالات ضخمة، ما جعل الصورة تبدو وكأنها سباق بين المؤثرين لاستعراض مظاهر الثراء. هذا الأمر دفع الجمهور أخيراً إلى اتخاذ موقف مفاجئ بإطلاق حملة مقاطعة ضد المؤثرين في دبي، الذين أُطلق عليهم لقب “شلة دبي”، في مقدمتهم “عائلة البيوتي” نارين وشيرين وشيرو وجلال عمارة، وأسامة مروة، إلى جانب نور ستارز وشقيقتها بنين، غيث مروان وسارة الورع، بيسان إسماعيل، لانا محمد، وغيرهم. وسرعان ما بدأت الحملة تمتد لتشمل مؤثرين آخرين في بلدان عربية مختلفة، وفق ما ذكر بعض المؤثرين.

تطرح هذه الحملة العديد من التساؤلات والنظريات التي تدفعنا إلى إعادة النظر في علاقة الجمهور بالمحتوى الرقمي والمشاهير على مواقع التواصل الاجتماعي. فكيف انقلب هذا الجمهور الواسع فجأة على أشخاص هم من صنعوا منهم “مشاهير السوشيال ميديا” وأطلقوا عليهم لقب “المؤثرين”، بينما كان محتواهم المليء بالبذخ مصدر إلهام ورفاهية بالنسبة إليهم؟ هل تحول الرفض المفاجئ إلى تعبير عن سخط اجتماعي أوسع، أم أنه مجرد موجة عابرة تتعلق بالمظاهر الفارهة؟

 

لانا محمد (أنستغرام).

 

من متابعة الإعجاب إلى الغيرة والاكتئاب

في حديث خاص لـ “النهار”، أوضحت هانيا كنيعو، الممارسة في مجال الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي، أن الحملة ترتبط بعدة عوامل، أبرزها الأزمة الاقتصادية والواقع المعيشي، إضافة إلى صعوبة إيجاد فرص عمل لدى الشباب، ما جعل استعراضات “حياة الأحلام” تبدو وكأنها إلهام لشخص يسعى لتحقيقها. لكنها في الوقت نفسه بدت منفصلة تماماً عن واقع الناس اليومي.

وأوضحت كنيعو أن “الجيل الحالي، ولا سيما الشباب، يميل إلى كل ما هو صادق وشفاف، ويستشعر معاناة الاحتياجات التي يعيشها الآخرون. لذلك، بات يتجنب المحتوى السطحي القائم على استعراض العلامات التجارية أو السيارات الفارهة، ويميل بدلاً من ذلك إلى محتوى يضيف قيمة ومعرفة لحياته، ليشعر أن الصعوبات التي يمر بها أمر طبيعي ومشترك”.

 

الثنائي شيرين عمارة وأسامة مروة (أنستغرام).

الثنائي شيرين عمارة وأسامة مروة (أنستغرام).

 

أما عن الآثار النفسية، فأشارت كنيعو إلى أن “متابعة أنماط حياة مترفة عبر وسائل التواصل قد تولّد شعوراً بالغيرة، خصوصاً لدى من يتمنون هذه الحياة ولا يستطيعون بلوغها، فيبدأ الشخص بانتقاد ذاته ويفقد إحساسه بالرضا عن نفسه، ما يسبب له قلقاً واكتئاباً. وللتخفيف من هذا الضغط النفسي، يلجأ أحياناً إلى آلية دفاعية تتمثل بالانتقال من الإعجاب إلى الانتقاد لحماية ذاته”.

الخطر ليس في المؤثرين، بل في طريقة التفاعل معهم

من جهتها، ترى رانية محمد سليمان، المعالجة النفسية والاستشارية في برامج الصحة النفسية، أن “ما نشهده اليوم يُظهر عدم الرضا عن الذات وضعفاً في التوكيد الشخصي، ما يدفع الكثيرين إلى الانخراط في نشاطات فارغة المحتوى، يكون هدفها الأساسي تحقيق نسب مشاهدة مرتفعة فقط”.

وأضافت سليمان أن “المشكلة لا تكمن في الأشخاص الذين يقدّمون أنفسهم كـ “مؤثرين إيجابيين”، بل في أنماط الأفكار والسلوكيات التي يفرضونها على المتابعين دون مراعاة أن كل إنسان حالة متفردة بذاته”.

أما الجمهور فبرّر هذه الحملة بأسباب عدّة، أبرزها نشر المؤثرين قيماً بعيدة عن الهوية المجتمعية مثل “المظاهر المبالغ فيها والإسراف والتبرّج”، فضلاً عن أثرهم السلبي على الجيل الصاعد من خلال دفعه إلى مقارنة حياته الطبيعية بالحياة الفاخرة التي يروّج لها هؤلاء المؤثرون، مطلقين هاشتاغ “معاً لإنقاذ الأجيال القادمة”. وأشار الجمهور أيضاً إلى تجاهل المؤثرين القضية الفلسطينية خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

 

نور ستارز (أنستغرام).

نور ستارز (أنستغرام).