انتشار حوادث العنف في مصر… هل يعكس وعي المجتمع والسلطات في مواجهة الجريمة؟

انتشار حوادث العنف في مصر… هل يعكس وعي المجتمع والسلطات في مواجهة الجريمة؟

انتشرت في الأسابيع الماضية مقاطع فيديو تتضمن أعمال عنف وانتهاكات للقانون تُرتكب في شوارع مصر. وتشمل تلك المقاطع أعمال بلطجة، ومحاولات سرقة، وبيع مخدرات، ومخالفات مرورية صارخة تهدد حياة المواطنين، وصولاً إلى التعدي على الحيوانات بطريقة وحشية.
هذه المقاطع المصوَّرة، التي تفاعل معها جمهور مواقع التواصل الاجتماعي وأعاد مشاركتها، تطرح تساؤلات عدة، أبرزها: هل ازدادت معدلات الجريمة في مصر كما يعتقد البعض؟ أم أن الأمر يعكس يقظة مجتمعية متنامية لرصد الجرائم والانتهاكات بهدف مكافحتها، ووضع مرتكبيها تحت طائلة القانون؟

 

 

فطنة واستجابة
يرى الخبير الأمني اللواء إيهاب يوسف أن هناك جوانب عدة تفسر هذا الاتجاه الملحوظ، ويقول في حديثه إلى “النهار”: “الجانب الأول يرتبط بالزيادة السكانية، ما يساهم بطبيعة الحال في ازدياد أعداد الجرائم، خصوصاً في ظل ظروف اقتصادية صعبة”.
ويشير الخبير إلى عوامل أخرى ساهمت في رصد تلك الجرائم وتصويرها ونشرها، موضحاً: “فطنة المواطنين، واستخدامهم للتكنولوجيا الحديثة في تسجيل الوقائع، ساعدت عليها يقظة الجهات الأمنية وسرعة تحركها”.

 

 

وفي الآونة الأخيرة، تجلّى حرص وزارة الداخلية المصرية على الاستجابة الفورية لهذه المقاطع بعد بثها عبر شبكات التواصل أو إرسالها مباشرة إلى الوزارة عبر قنوات إلكترونية مخصصة لذلك.
ويؤكد اللواء يوسف أن “استجابة الداخلية المصرية لهذه المنشورات سريعة وفعّالة للغاية، فهي تتعامل مع المنشور وكأنه بلاغ رسمي، حتى وإن لم يتقدّم المجني عليه ببلاغ في قسم الشرطة”.
وفور بث أي فيديو يتضمن جريمة، ترصده وحدات أمنية متخصصة، وتقوم بفحصه، وتحديد الجناة ومكان الحادثة، ثم التحرك الفوري لضبطهم. وفي كثير من الحالات، التي أعلنت عنها الوزارة عبر صفحتها في “فايسبوك”، تم ضبط المتهمين خلال ساعات فقط.

 

صحافة المواطن
يقول خبير الإعلام والتحول الرقمي أحمد عصمت، لـ”النهار”، إن “هذا شكل من أشكال صحافة المواطن التي أصبح لها دور مهم في شتى أرجاء العالم. وفي الحقيقة، فإن استجابة وزارة الداخلية المصرية لما ينشره المواطنون أمر رائع جداً ويدعو للإشادة”.
ومن العوامل التي حفزت المصريين على تصوير ونشر تلك الوقائع بصورة غير مسبوقة: الاستجابة السريعة لمنشوراتهم، وتشجيع الداخلية على الإبلاغ عن أي انتهاكات يتم رصدها، عبر أرقام هواتف وعناوين بريد وقنوات إلكترونية محددة.
ويشير عصمت إلى أنه “رغم الإيجابيات التي يتضمنها هذا النوع من الصحافة، إلا أنه بحاجة إلى ضوابط، حتى لا يُساء استغلاله. ففي بعض الحالات، حين يرغب شخص في توريط آخر، قد يقوم بتصويره والترويج لرواية غير حقيقية. لذا فإن وضع معايير واضحة لما يسمح بتصويره وما لا يسمح أمر مهم ويعزز الجهود المبذولة لمكافحة الجريمة”.

 

 

 

السكينة المجتمعية
ويقول اللواء يوسف: “من أدوار وزارة الداخلية تحقيق السكينة في المجتمع، ومن أبرز ملامحها أن يكون المواطن آمناً خلال سيره في الشارع، ومطمئناً على حياته وحياة أفراد أسرته وممتلكاته”.
ويلفت إلى أن “إنفاذ القانون هو الأساس، وتوفير بيئة آمنة يشجع على جذب الاستثمارات وتنشيط السياحة، ما يساهم بدوره في تحسين الاقتصاد وتعزيز الجهود الرامية إلى خفض معدلات الجريمة”.