شركة تويوتا للسيارات لم تطور محركاً يعمل بالماء – تحقق من المعلومات

يغذي السباق العالمي لإنتاج سيارات خالية من الانبعاثات سرديات مضلّلة على مواقع التواصل الاجتماعي آخرها منشورات تزعم أنّ شركة السيارات العملاقة تويوتا أحدثت ثورة بتصميمها محركاً يعمل بالماء، لتلغي بذلك الحاجة إلى بطاريات الليثيوم ومحطات الشحن. إلا أنّ هذا الادعاء لا صحّة له بحسب ما أكّدت الشركة لوكالة “فرانس برس”. أما الخبراء، فيشيرون إلى أنّ فكرة المحركات العاملة بالماء غير ممكنة من الناحية التقنية.
“في خطوة ستهزّ صناعة السيارات العالمية، كشفت تويوتا للتو عن محرّك يعمل بالماء، يُنتج الهيدروجين من خلال التحليل الكهربائي، ولا يُصدر سوى بخار الماء”. بهذه الكلمات، تحاول المنشورات جذب التفاعلات، مدّعية أن تويوتا كشفت هذا المحرك الثوري الذي سيلغي “الحاجة إلى الليثيوم ومحطات الشحن”. وتضيف أنّ الشركة اليابانيّة “تعلن بذلك نهاية عصر البطاريات”.
صورة ملتقطة من الشاشة في 20/08/2025 عن موقع فايسبوك
حصدت المنشورات عشرات آلاف التفاعلات عبر مواقع التواصل الاجتماعي وبلغات عدّة، كالعربيّة والفرنسيّة والإنكليزيّة والإسبانية والألمانية والرومانيّة. وأرفقت بصورة مركّبة تُظهر رجلاً يرتدي بزة وتوحي بأنّه يعرض الابتكار المزعوم أي محرّك الشركة العامل بالمياه.
إلا أنّ النظريّة التي تقول بأن محرّكات السيارات العاملة بالمياه قادرة على أن تحلّ مكان تلك العاملة بالوقود لم تثبّت علمياً يوماً.
تويوتا لم تصنع محرّكاً يعمل بالمياه
تواصل فريق خدمة تقصي صحة الأخبار في “فرانس برس” مع ممثّل شركة تويوتا جان إيف جولت، الذي أجاب في 23 تموز/يوليو 2025 برسالة إلكترونية قائلاً إن “تويوتا لا تُصمّم أي محرّك يعمل بالمياه”، واصفاً هذه الادعاءات المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي بالكاذبة، ومشيراً إلى مقال منشور على مجلّة فوربز ينفي هذه الادعاءات.
وتصنع تويوتا في الحقيقة سيارات تعمل بالهيدروجين على غرار طراز ميراي Mirai، الذي تغذيه محطات متخصّصة ويُجّهز ببطاريات تعمل بأيونات الليثيوم لتخزين الطاقة وتوزيعها.
أما في هذا المقال، فيشرح الكاتب والمهندس الكيميائي روبرت رابييه أن “الفكرة القائلة بأن المياه يمكن أن تشغّل سيارة عبثيّة”. ويذهب للقول: “على الرغم من أنّ المياه قد تشكّل مصدراً للطاقة، إلا أنها ليست وقوداً. المياه هي النتاج الأخير لاحتراق وقود الهيدروجين. تتشكّل المياه عندما يحترق الهيدروجين.
ويضيف المقال: “المياه بحد ذاتها يمكن أن تكون مصدراً للطاقة ولكن في بعض الحالات”.
التحليل الكهربائي للماء باختصار
التحليل الكهربائي هو عملية تستخدم الكهرباء لتفكيك الماء (H₂O) إلى هيدروجين (H₂) وأكسجين (O₂). هذه العملية لا تنتج الطاقة بل تستهلكها، وتتطلب كمية كبيرة من الكهرباء ومصدر طاقة مستقر.
ويمكن استخدام الهيدروجين الناتج كوقود في السيارات المزودة بخلايا وقود، لكن إنتاجه داخل السيارة عبر التحليل الكهربائي غير عملي، لأنه يستهلك طاقة أكثر مما ينتج.
أما الخبراء، فيؤكدون أنه من الأفضل استخدام الكهرباء مباشرة لتشغيل السيارة بدل تحويلها هيدروجين، ثم إعادة تحويله طاقة.
الماء: وسيلة للتبريد، وليس وقودًا
قد تعود الالتباسات وراء هذه الادعاءات المضللة إلى براءة اختراع سجلتها شركة تويوتا في عام 2023. وهذه البراءة تتعلق بمحرك هيدروجين مزوّد بنظام تبريد بالماء.
وفي هذا التصميم، لا يُستخدم الماء كوقود بأي شكل من الأشكال، بل فقط كسائل تبريد بديل للهواء المستخدم تقليديًا.
ويسمح هذا النظام بالتحكم بشكل أفضل في درجات الحرارة العالية الناتجة من احتراق الهيدروجين. ومن خلال خفض هذه الحرارة، يتيح الماء استخدام مواد أخف وزنًا في غرف الاحتراق والأسطوانات، مما يحسّن من كفاءة المحرك ويقلل من وزنه.
أما سيارة تويوتا ميراي، فهي مثال واضح على التكنولوجيا الحالية للشركة: فهي سيارة تعمل ببطارية الهيدروجين التي تولد الكهرباء لتشغيل محرك كهربائي. يُخزّن الهيدروجين في خزانات تحت ضغط عال، وتُزوّد السيارات به عبر محطات متخصصة.
وأثناء التشغيل، فإن الانبعاث الوحيد للسيارة هو بخار الماء، الناتج عن التفاعل الكيميائي بين الهيدروجين والأكسجين.
ولا تحتوي السيارة على نظام تحليل كهربائي ولا تنتج الهيدروجين على متنها، وهي مزوّدة أيضًا ببطارية ليثيوم- أيون.
صورة ملتقطة من الشاشة في 01/08/2025 عن موقع شركة تويوتا لطراز سيارة
خدمة تقصي صحة الاخبار، وكالة فرانس برس