هل يمكن التغلب على الحساسية؟

تظهر أرقام دراسات عديدة أن الحساسية في تزايد مستمر. ففي كل عام يعاني عدد أكبر من الناس من انسداد الأنف في الربيع أو من حكة العينين عند التعرض للحيوانات الأليفة. وفي دول ديدة ارتفعت نسبة الأطفال المصابين بالحساسية الغذائية من 3.4% إلى 5.8% خلال السنوات الأخيرة. لكن في الوقت نفسه العلاجات التي تمكّن المرضى من التعايش مع حساسيّاتهم، حتى أخطرها، أصبحت فاعلة، ومتوافرة وآمنة.
علاجات الحساسية(غيتي)
ما هي الحساسية؟
تنشأ الحساسية عندما يخطئ الجهاز المناعي في التعرف إلى العوامل التي تشكل تهديداً له. فبدلاً من مهاجمة مسببات الأمراض الحقيقية فقط، يبدأ الجهاز المناعي لدى الأشخاص المصابين بالحساسية بالتفاعل مع مواد غير ضارة تُعرف بالمُحسسات. في هذه الحالات، تبدأ الأجسام المضادة المعروفة بإسم “الغلوبولين المناعي (IgE )” ، والمخصصة للتعرف إلى الطفيليات الخطيرة، بالتفاعل مع المُحسّسات أيضاً. وعند ملامسة هذه المواد، تُطلق الأجسام المضادة إنذاراً يدفع الجسمإلى إفراز مادة “الهيستامين” الكيميائية. الهيستامين قد يكون مفيداً لطرد الطفيليات عبر إنتاج المخاط وتحفيز السعال. لكن لدى مرضى الحساسية، قد تكون الاستجابة مفرطة، ما يؤدي إلى أعراض مثل الصفير، والطفح الجلدي، وأحياناً إلى صدمة تحسسية شديدة تهدد الحياة عبر انسداد مجرى التنفس.
هل تمكن معالجة الحساسية؟
هناك نوع من العلاج يُعرف باسم “العلاج المناعي” ويقوم على تعريض الجسم تدريجاً لكميات صغيرة ومتزايدة من المادة المُسببة للحساسية. بالنسبة إلى المُحسّسات الشائعة مثل غبار الطلع وعث الغبار، أصبح العلاج المناعي بشكل قطرات أو حقن أو أقراص شائعاً وفعالاً لدى معظم المرضى.
لكن التقدم كان أبطأ في حالات الحساسية الغذائية، جزئياً بسبب الأخطار العالية لحدوث صدمة تحسسية. ومع ذلك، بدأ الوضع يتحسن. ففي عام 2020، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية على أول علاج مناعي فموي للأطفال المصابين بحساسية الفول السوداني، على شكل مسحوق يحتوي على بروتين الفول السوداني. الأطفال الذين يتناولون هذا المسحوق مع الطعام يُظهرون استجابة أقل للمحفزات، لكن الجرعات المتزايدة يجب أن تُعطى تحت إشراف طبي لتجنّب التفاعلات، وعلى الأطفال الاستمرار في اتباع نظام غذائي خالٍ من الفول السوداني.
ما هي العلاجات المناعية؟
يطوّر بعض الشركات الآن علاجات مناعية تعتمد على أجزاء صغيرة من بروتينات المواد المُحسسة، تُعرف باسم الببتيدات، ويبدو أن هذه الطريقة تزيد من تحمّل المرضى للمادة المسببة للحساسية من دون إثارة ردود فعل مناعية ضارة.
وهناك نهج آخر يتمثّل في حجب الأجسام المضادة. ففي تجربة أجريت عام 2024، استطاع 79 من أصل 118شخصاً يعانون من حساسية حيال أنواع عدة من الأطعمة تناول 600 ملغ من تلك الأطعمة بعد تلقيهم علاجاً يعرف باسم “أوماليزوماب” لمدة تراوح بين 16 و20 أسبوعاً، مقارنةً بخمسة فقط من أصل 59 شخصاً في مجموعة الدواء الوهمي. لكن بما أن المرضى يحتاجون إلى الاستمرار في استخدام “الأوماليزوماب” للحفاظ على نتائجه، يأمل بعض الباحثين في استخدامه علاجاً مساعداً أثناء تطوير التحمل المناعي، سواء عبر العلاج المناعي التقليدي أو بالببتيدات.
هذا التقدم في العلاجات يُعدّ واعداً، بخاصةً للبالغين المصابين بالحساسية. فمع تقدم العمر، يصبح الجهاز المناعي أقل مرونة، ما يجعل علاج البالغين أصعب، وكثيراً ما يتم استبعادهم من تجارب العلاج المناعي.