صيف الدوري الإنجليزي يجدد آمال السيطرة الأوروبية

صيف الدوري الإنجليزي يجدد آمال السيطرة الأوروبية

لطالما ارتبط اسم الدوري الإنكليزي بسطوة مالية ضخمة خلال مواسم الانتقالات، إذ نجحت أنديته في جذب أبرز نجوم اللعبة إلى الملاعب البريطانية بفضل الشعبية الجارفة، والإمكانات الاقتصادية الضخمة، والامتيازات الكبيرة التي يحصل عليها اللاعبون.

مع ذلك، تعيش سوق الانتقالات منافسة شرسة بين كبار أوروبا، خارج الـ”بريميرليغ”، مثل ريال مدريد وبرشلونة وبايرن ميونيخ وباريس سان جيرمان وغيرها. إلا أنّ صيف 2025 جاء مختلفاً، إذ يشهد سيطرة إنكليزية شبه مطلقة على سوق الانتقالات، في وقت بدت فيه أندية أوروبا الكبرى مترددة أو حذرة في تحرّكاتها، مكتفية بصفقات محدودة، إما بسبب قيود اللعب المالي النظيف،وإما لاعتبارات فنية بحتة.

دخلت أندية الـ”بريميرليغ” الميركاتو هذا الصيف بكل قوّتها، معتمدة على تفوّقها المالي وأدواتها الإدارية والتسويقية؛ فخَطفت نجوماً من الصف الأول والمواهب الصاعدة من داخل أوروبا وخارجها.

أظهرت الأندية التي حجزت مقعداً في البطولات الأوروبية وعياً مختلفاً، فلم تكتفِ بتعزيز التشكيلة الأساسية فحسب، بل حرصت على بناء دكة قوية تضمن الاستمرارية والتوازن عند مواجهة الإصابات والإجهاد.

نموذج ليفربول كان لافتاً؛ فرغم تتويجه بلقب الدوري المحلي، إلا أنّ إدارة النادي قرّرت تغيير النهج المادي وتلبية مطالب المدير الفني آرني سلوت، فتعاقدت مع النجم الألماني فلوريان فيرتز في صفقة بلغت 125 مليون يورو، لتصبح الأغلى في تاريخ النادي، إلى جانب تدعيمات متعددة استهدفت معالجة ثغرات الأطراف والمساندة الهجومية والدفاعية.

ولم يكن أرسنال أقل طموحاً، فعمل على تعزيز صفوفه بصفقات نوعية تعكس رغبة ميكيل أرتيتا في حصد البطولات لا المنافسة عليها فقط، وكانت الصفقة الأبرز هي المهاجم السويدي فيكتور غيوكيريس، أحد أخطر المهاجمين في أوروبا حالياً.

من جهته، واصل تشيلسي عادته في كونه الأكثر إنفاقاً في الميركاتو الإنكليزي، لكن هذه المرّة بدا المشروع أوضح، فالتدعيمات جاءت مركزة وذات أهداف طويلة الأمد يقودها المدرب إنزو ماريسكا، أبرزها جواو بيدرو وجيمي غيتينز.

 

جواو بيدرو. (إكس)

أما مانشستر سيتي، فقد دخل الميركاتو مدفوعاً برغبته في استعادة الهيمنة بعد موسم مخيّب نسبياً، فاستجاب مجلس الإدارة لكل مطالب المدرب بيب غوارديولا، وبدأت خطوات “الثورة” فعلياً منذ كانون الثاني/ يناير 2025، قبل أن تكتمل الصيف الحالي، ليخرج الفريق بقائمة متكاملة، وأسماء جديدة مميزة مثل تيجاني رايندرز، ريان شرقي وريان آيت نوري.

لم تقتصر الحركة النشطة على الفرق الكبرى، فأندية مثل أستون فيلا، وتوتنهام، ونوتنغهام فورست، التي ضمنت الظهور الأوروبي هذا الموسم، دخلت بقوة أيضاً في السوق.

باستثناء ريال مدريد الذي أنفق أكثر من 150 مليون يورو، لم تشهد السوق الأوروبية صفقات تضاهي ما فعلته أندية إنكلترا.

لكنّ السيطرة في الميركاتو لا تعني بالضرورة الهيمنة على البطولات. فأندية الدوري الإنكليزي تعثرت كثيراً في المواسم الماضية على المستوى الأوروبي. البطولات لا تُحسم على طاولة المفاوضات، بل على أرض الملعب، والمال وحده لا يكفي، إنما يحتاج الأمر إلى عمل فني كبير، تناغم داخل الميدان، واستمرارية في الأداء، وقوة ذهنية وخبرة كبيرة.

صيف 2025 قد يكون نقطة التحوّل الكبرى لأندية الـ”بريميرليغ” في حال أحسنت استثمار هذه الأسماء في منظومة فنية متماسكة. أما إذا غاب ذلك، فإنّ الإنفاق الضخم سيتحوّل إلى مجرّد أرقام في قوائم الحسابات، من دون أثر حقيقي على الخصوم الآخرين.