التأشيرات الأوروبية المميزة تجذب مستثمرين من دول الخليج

يسجل مستثمرون من الشرق الأوسط – وخصوصاً من الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، ولبنان – ارتفاعاً ملحوظاً في الإقبال على برامج “التأشيرات الذهبية” وبرامج الحصول على الجنسية عبر الاستثمار في أوروبا ومنطقة الكاريبي، وفقاً لشركات استشارية متخصصة في هجرة الأفراد الأثرياء.
ويُبلغ مستشارون عن زيادة حادة في الطلبات والاستفسارات من مواطني الخليج والمقيمين فيه، مدفوعة بالتقلبات الجيوسياسية، والطموحات التعليمية، ورغبة العائلات في تعزيز حرية التنقل عبر الحدود. وتُعد التأشيرات الذهبية اليونانية والبرتغالية من بين أكثر الخيارات طلباً هذا العام.
تقول سوزانا أوزاكوفا، كبيرة المستشارين في شؤون الإقامة والجنسية لدى شركة “أستونز” المتخصصة في هجرة الاستثمار: “لطالما كان المواطنون الصينيون من أبرز المتقدمين إلى برامج التأشيرات الذهبية حول العالم، وفي دول مثل البرتغال واليونان غالباً ما يشكلون أكثر من نصف عدد الطلبات”.
وتضيف: “لكن في الآونة الأخيرة، برز مستثمرون من الشرق الأوسط كقوة مؤثرة في هذا المجال”.
تُتيح برامج الجنسية والإقامة عن طريق الاستثمار للأفراد فرصة الحصول على جواز سفر ثانٍ أو إقامة قانونية في بلد ما، مقابل استثمار معين، غالباً ما يكون عبر العقارات أو صناديق حكومية أو مشاريع تجارية.
وتشمل فوائد هذه البرامج حرية السفر من دون تأشيرات، وامتيازات ضريبية، وزيادة الأمان والتنقل لعائلاتهم.
وبالنسبة إلى العائلات الثرية في الشرق الأوسط، لا تقتصر أهمية هذه البرامج على مجرد إقامة ثانية. فبحسب “أستونز”، تشمل دوافعهم اخذ الاحتياطات ضد الأخطار السياسية، وتنويع الأصول، وتسهيل الوصول إلى أنظمة التعليم الغربية أو الناطقة بالإنكليزية.
ويقول أحد المستشارين إن العائلات الخليجية المتعددة الأجيال قد تجد في التأشيرة الذهبية اليونانية خياراً مغرياً بفضل مرونتها، إذ إنها لا تشترط حدًّا أدنى للإقامة.
صورة تعبيرية (وكالات)
وتعلق أوزاكوفا: “هذه البرامج لا تستقطب المستثمرين فقط، بل أيضاً العائلات التي تسعى للحصول على تعليم نوعي وحرية تنقل عالمية”.
وتُضيف: “شهدنا ارتفاعاً ملحوظاً في منح التأشيرات الذهبية من الحكومة اليونانية، إذ زادت المنح الأولية بنسبة 15% خلال العام الماضي”.
وتحتل كل من اليونان والبرتغال – وإسبانيا حتى وقت قريب – مراتب متقدمة بين وجهات المتقدمين بفضل انتمائها إلى منطقة شنغن، وانخفاض الحد الأدنى للاستثمار، وخياراتها العقارية الجاذبة.
ووفقاً لشركة “هينلي آند بارتنرز” التي ترصد اتجاهات هجرة المستثمرين، أصبحت الإمارات ثاني أكبر مصدر لطلبات هذه البرامج بعد الولايات المتحدة. فقد ارتفعت طلبات العملاء المقيمين في الإمارات بنسبة 20% في عام 2024، ومن المتوقع أن تحقق المعدل ذاته في 2025.
أما بالنسبة إلى المقيمين في الإمارات – وهم ليسوا جميعاً إماراتيي الجنسية – فإن أكثر البرامج جذباً هذا العام كانت في غرينادا، البرتغال، اليونان، وسانت كيتس ونيفيس. ويتحدّر المتقدمون من دول مثل باكستان، الهند، لبنان، مصر وسوريا.
في المقابل، تشهد السعودية قفزة لافتة في الاهتمام، حيث ارتفعت الاستفسارات من داخل المملكة بنسبة 261% في عام 2024، رغم أن الأعداد كانت منخفضة في البداية.
ويُعد برنامج سانت كيتس ونيفيس من أبرز الخيارات المفضّلة لدى الخليجيين، كونه يتيح دخول أكثر من 150 دولة من دون تأشيرة، ويمنح إعفاءً ضريبياً كاملاً على الدخل العالمي، بحسب شركة “سيفوري آند بارتنرز”. وتُشير الشركة إلى أن أكثر من 60% من عملائها في برامج الجنسية والإقامة من دول مجلس التعاون الخليجي، وأن ربعهم يختارون سانت كيتس.
أما تركيا، فتسجل نمواً في الإقبال على برنامجها للجنسية عبر الاستثمار، لا سيما من قبل المستثمرين الباحثين عن فرص عقارية تجمع بين الأسواق الأوروبية والآسيوية.
يقول الرئيس التنفيذي للشركة جيريمي سيفوري: “تركيا أصبحت وجهة عقارية ساخنة، ولا تزال ثاني أكثر برامجنا للجنسية طلباً”.
أما البرنامج الأكثر شعبية لدى “سيفوري”، فهو التأشيرة الذهبية البرتغالية، ويرجع ذلك جزئياً إلى سعي العملاء للإسراع في التقديم قبل تنفيذ تعديلات قانونية مرتقبة من شأنها مضاعفة فترة التجنيس من 5 إلى 10 سنوات.
ومع إلغاء برنامج التأشيرة الذهبية في إسبانيا هذا العام، واقتراب إغلاق برنامج الجنسية في مالطا، يتوجه العملاء نحو إيطاليا، لاتفيا، اليونان وقبرص.
في الوقت نفسه، بدأت بعض دول الخليج بتقديم برامج إقامة عبر الاستثمار لجذب رؤوس الأموال نحو المشاريع المحلية، وهي خطوة تصفها أوزاكوفا بأنها محاولة لـ”إعادة التوازن المالي بشكل جزئي”.