استعادة السيطرة على غزة ستشكل تحدياً لإسرائيل… هل سيتبنى نتنياهو خطة زامير في اللحظة الأخيرة؟

استعادة السيطرة على غزة ستشكل تحدياً لإسرائيل… هل سيتبنى نتنياهو خطة زامير في اللحظة الأخيرة؟

ترك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حسم القرار بإعادة احتلال قطاع غزة إلى الجلسة التي سيعقدها مجلس الوزراء المصغر اليوم. وعلى رغم أن كل الدلائل والتسريبات تشير إلى أن قرار توسيع العمليات العسكرية إلى أماكن تتسم بحساسية بالغة، بسبب كثافتها السكانية ولوجود الأسرى الإسرائيليين فيها، قد اتُخذ، فإن نتنياهو قد يبدأ أولاً بتصعيد تدريجي.
وهذا يعني عملياً الأخذ بتحفظات رئيس الأركان الجنرال إيال زامير، الذي قدم خطة بديلة للاحتلال الكامل خلال الاجتماع الأمني مع نتنياهو الثلاثاء. وتقضي هذه الخطة بالتقدم التدريجي نحو المناطق الحضرية، بما يشكل ضغطاً على “حماس” كي تقبل بصفقة شاملة ووقف النار.
ويستند زامير وضباط عسكريون واستخباريون حاليون وسابقون إلى أن الحركة لم تعد تشكل “تهديداً استراتيجياً لإسرائيل”، بينما المضي في الحرب حتى احتلال كامل غزة من شأنه أن يعرض حياة الأسرى الإسرائيليين للخطر، ويفاقم عزلة إسرائيل على الساحة الدولية، ويدفع دولاً أخرى إلى الاعتراف بدولة فلسطين.

 

فتاة فلسطينية تقف أمام الدمار بعد غارة إسرائيلية على مركز صحي في شمال غزة، 6 آب/أغسطس 2025. (أ ف ب)

 

وتحتل إسرائيل الآن 75 في المئة من المساحة الإجمالية لغزة، لكن الـ25 في المئة المتبقية هي الأكثر أهمية وخطورة، لأن العمليات العسكرية ستدور في مناطق حضرية وقرب أماكن يعتقد أن “حماس” لا تزال تحتجز فيها 20 أسيراً إسرائيلياً على قيد الحياة.
وإذا كان من الناحية النظرية لا توجد عقبات ميدانية كبيرة أمام غزو شامل للقطاع، فإن مخاطر جمة ستنشأ بعد الاحتلال. في هذه الحال، ستكون إسرائيل مسؤولة عن مليوني فلسطيني، ومرغمة على توفير الطعام والعناية الصحية لهم، فضلاً عن كلفة مالية تصل إلى عشرة مليارات دولار لحفظ الأمن في مناطق ذات كثافة سكانية عالية، وكذلك تأمين الخدمات المدنية.
وإبان الاحتلال الكامل لغزة بين عامي 1967 و2005، اعتمدت الإدارة العسكرية الإسرائيلية على عائدات الضرائب هناك قبل إخلاء المستوطنات، وهذا وضع غير متاح بعد التدمير شبه الكامل لاقتصاد غزة خلال 22 شهراً من الحرب.
كذلك، فإن محللين عسكريين إسرائيليين لا يحسمون مسألة ما إذا كان الاحتلال الكامل لغزة سيؤدي إلى تمكين “حماس” أو إلحاق الهزيمة بها. وهناك تخوف من قدرة مقاتلي الحركة على مواصلة تكتيكات حرب العصابات ضد القوات الإسرائيلية المنتشرة بكثافة في القطاع. وتنقل صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية عن المدير البارز السابق في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي أفنير غولوف: “إننا نرى ما يحدث الآن. إن (الاحتلال الكامل) سيجعل الأمور أسوأ، ولست متأكداً إلى أي مدى يدعم المجتمع الإسرائيلي احتلالاً كاملاً”.
وفي المقابل، يرى مؤيدو الاحتلال الكامل فرصة كي تشرف إسرائيل على تنفيذ سياسة نقل سكان غزة إلى دول أخرى، طوعاً أو قسراً، وإعادة الاستيطان، بما يضمن الوصول إلى مرحلة “لا تعود فيها غزة تشكل تهديداً لإسرائيل”، وفق ما يقول نتنياهو.
وأمام تحفظ زامير، حسم وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس الجدل بإعلانه أنّ من حق رئيس الأركان “إبداء رأيه” في شأن المرحلة المقبلة من الحرب في غزة، لكنه ملزم “بتنفيذ” قرارات الحكومة بهذا الصدد.
عامل آخر قد يشجع نتنياهو على الاجتياح الشامل وعدم العودة للخوض في اتفاقات جديدة لوقف النار، وهذا العامل مبني على تأييد مطلق من الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
بينما كان مندوبو بعض الدول في جلسة مجلس الأمن الثلاثاء يحذرون من العواقب الكارثية التي ستنجم عن احتمال إقدام إسرائيل على إعادة احتلال قطاع غزة بالكامل، نقل ترامب النقاش إلى مسألة أخرى، هي التسجيلات “المرعبة” التي بثتها حركتا “حماس” و”الجهاد الإسلامي”، وغسل يديه من مسألة إعادة احتلال القطاع، معتبراً أنه أمر “عائد لإسرائيل” لتقرر فيه.