الهجوم على التاجي يُظهر النزاع الداخلي في الحشد الشعبي… و’كتائب حزب الله’ في دائرة الاتهام.

شهدت منطقة الصابيات شمال قضاء التاجي في بغداد، الثلاثاء، انفجاراً عنيفاً داخل معسكر تابع لـ”لواء أنصار المرجعية”، يُعتقد أنّه ناجم عن هجوم بطائرة مسيّرة، ما أسفر عن أضرار مادية في مساكن داخل الموقع، دون تسجيل خسائر بشرية.
وطبقاً لمصادر أمنية ومحلية، فإنّ الهجوم “استهدف أحد المعسكرات التابعة لفصائل المرجعية الدينية، المعروفة بمواقفها الداعية لحصر السلاح بيد الدولة والانضواء تحت مظلة القوات المسلحة العراقية”.
وتشير المعلومات إلى أنّ الهجوم نفذ باستخدام طائرة مسيّرة يُعتقد أنها من النوع ذاته الذي استُخدم في ضرب مواقع نفطية بإقليم كردستان.
ويقول مسؤول أمني إنّ الانفجار تسبب في اندلاع حريق داخل المعسكر، شمل غرفاً مشيدة بألواح عزل حراري، قبل أن تتمكن فرق الدفاع المدني من السيطرة عليه.
“كتائب حزب الله” في دائرة الاتهام
ويربط قيادي في الحشد الشعبي الهجوم بـ”التوتر الأخير الذي أثارته أحداث دائرة الزراعة جنوبي بغداد”، حين اشتبكت قوة من “كتائب حزب الله” مع القوات الأمنية على خلفية صراع على منصب مدير الدائرة.
وكانت السلطات العراقية اعتقلت عناصر من اللواءين 45 و46 التابعين للكتائب، ونشرت صوراً لهم، ما أثار غضب قيادة الفصيل.
ووفق القيادي، فإنّ موقف زعيم “لواء أنصار المرجعية” حميد الياسري الرافض للهجوم على القوات الأمنية “يفسر الاستهداف الذي طال معسكر اللواء”.
وكان الياسري قد أصدر بياناً بعد أحداث دائرة الزراعة، قال فيه إنّ “من يمس أمن الدولة العراقية وقواتها الأمنية لا يمثل حشد فتوى الجهاد من النجف الأشرف”، مؤكداً أنّ “الحشد يجب أن يكون للدفاع عن الوطن والشعب، لا لمغانم الوزارات والمناصب”.
تصعيد خطير
بالتوازي، أصدر المسؤول الأمني لـ”كتائب حزب الله” أبو علي العسكري بياناً شديد اللهجة، وصف فيه أحداث دائرة الزراعة بأنها “فن محكم نسج خيوطه خونة وضباط فاسدون”، مهاجماً رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بشدة.
وقال العسكري إنّ “رئيس الحكومة مدير ناجح وليس قائداً ناجحاً، ولن يكون. الجيش الذي دخل دائرة الزراعة كان جزاراً، لأنه منزعج من إعلام الكتائب ومواقفه الثابتة في القضايا الوطنية”.
وأضاف أنّ الكتائب قررت “إيقاف عملها في مشروع طوق بغداد وتسليم ما في عهدتها إلى قيادة الحشد الشعبي”، مؤكداً أن القوات الأمنية العراقية “لن تصمد” أمام مقاتلي الحركة إذا تكرر السيناريو.
نفي رسمي… وتأكيد
بدورها، سارعت قيادة عمليات بغداد إلى نفي وقوع أي هجوم، ووصفت ما نُشر بأنه “شائعات لا أساس لها”.
وقالت في بيان: “تداولت بعض منصات مواقع التواصل الاجتماعي والوكالات الإعلامية خبراً مفاده تعرض أحد مواقع الحشد الشعبي في العاصمة إلى قصف بواسطة طائرة مسيّرة، ما أدى إلى احتراق كرفان داخل المعسكر في قضاء التاجي”، مشيرة إلى أنّ “هذا الخبر عارٍ عن الصحة ولا أساس له، وما يتم النشر بخصوصه مجرد شائعات”.
لكن هذا البيان قوبل برفض شديد من قبل الياسري، الذي نشر صوراً للدمار الذي خلّفه الهجوم، قائلاً: “الهجوم حصل داخل العراق لا على سطح المريخ. نطالب القائد العام بتشكيل لجنة تحقيق عليا لا تتأثر بتهديد السلاح والبيانات الرنانة”.
وأضاف الياسري: “نحن نطالب أيضاً بتشكيل مجلس تحقيقي حول بيان نفي قائد عمليات بغداد، والكشف عن الجهات التي أثرت عليه لإصدار هذا النفي”.
أبعاد وتداعيات
ويقول الصحافي والكاتب أحمد الموسوي، لـ”النهار”، إنّ الهجوم وما تلاه من نفي رسمي وتصعيد بين الفصائل يكشف عن “صراع داخلي شيعي – شيعي بين فصائل النجف الأشرف (أنصار المرجعية) والفصائل الموالية لإيران (كتائب حزب الله)”.
ويضيف الموسوي أنّ هذا الصراع يقابله “عجز حكومي” عن تقديم رواية رسمية واضحة، في ظل التناقض بين بيانات العمليات العسكرية وتأكيدات الفصائل.
ويشير إلى أنّ “الانقسام والاتهامات بين الحشد الشعبي قد تؤدي إلى صراع داخلي أوسع”.
ولم يُصدر مكتب القائد العام للقوات المسلحة أو العمليات المشتركة أي بيان بشأن الهجوم، وهو أسلوب اعتادت السلطات اتباعه في الحوادث المرتبطة بالفصائل المسلحة النافذة.
وبينما يبقى منفذ الهجوم مجهولاً رسمياً، فإنّ أصابع الاتهام والتصريحات النارية تنذر بمرحلة جديدة من التوتر بين أجنحة الحشد الشعبي والقوى الشيعية المتصارعة على النفوذ داخل الدولة العراقية.