ترامب يعدل عن قراره ‘المفاجئ’: هل هو تخوف من الاقتصاد أم استجابة للضغوط الاجتماعية؟

تراجعت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن الشرط الغريب الذي فرضته على الولايات الأميركية، والذي قام على مبدأ “عدم مقاطعة الشركات الإسرائيلية مقابل الحصول على التمويل الخاص بالتأهب للكوارث”، وحذفت وزارة الأمن الداخلي بيانها الذي نص على وجوب إقرار الولايات بأنها “لن تقطع” العلاقات التجارية مع الشركات الإسرائيلية كي تكون مؤهلة للحصول على التمويل.
غرابة هذا الشرط تنطلق من كونه مرتبطاً بقضايا إنسانية، وفي هذا الإطار، تنقل وكالة “رويترز” وقائع مهمة، فهذا الشرط كان ينطبق على 1.9 مليار دولار على الأقل تعتمد عليها الولايات في تغطية تكاليف معدات البحث والإنقاذ ورواتب مديري الطوارئ وأنظمة الطاقة الاحتياطية ونفقات أخرى، وذلك وفقاً لما ورد في 11 إشعاراً بشأن المنح اطلعت عليها الوكالة المذكورة.
قبل الغوص في تفاصيل العودة عن الشرط، لا بد من التطرّق إليه ودوافعه. وفي هذا السياق، يتحدّث أستاذ الاقتصاد السياسي محمد موسى، لـ”النهار”، عن النفوذ الإسرائيلي في الإدارة الأميركية، وقرارات ترامب بشكل خاص الداعمة لإسرائيل منذ ولايته الأولى، وبالتالي لا يستبعد اتخاذه قرار يربط تمويل الولايات والمؤسسات بعدم مقاطعة إسرائيل.
وتشير بعض التحليلات إلى أن ترامب ومن خلفه اللوبيات الإسرائيلية ضغطت نحو اتخاذ هذا القرار بعد اتساع رقعة حملات المقاطعة للشركات والبضائع الإسرائيلية، وتأثر المكانة الاقتصادية لهذه الشركات، خصوصاً بعد المجاعة التي تفشّت في قطاع غزّة بفعل الحصار، لكن هذه المحاولة فشلت، بعكس محاولات أخرى كانت مرتبطة بتمويل الجامعات وغيرها من المؤسسات.
الإدارة الأميركية تراجعت عن هذا القرار، وبتقدير موسى، فإن التراجع كان بفعل ضغوط كبرى مارستها جمعيات معنية بسياسات المقاطعة على الإدارة نفسها وعلى جماعات داخل الإدارة كـ”ماغا” من جهة، وخشية رفع دعاوى قضائية لدى المحاكم الفيدرالية ضد هذا القرار لأنّه “يمس بالحرية الشخصية” من جهة أخرى.
ترامب (أ ف ب).
ثمّة من يشير إلى أن العامل الاقتصادي المالي أساسي في التراجع عن القرار أيضاً، كون عدم دفع الإدارة الأميركية للولايات لمواجهة الكوارث الطبيعية قد يؤدي إلى خسائر اقتصادية كبيرة يتحمل أعباءها الأميركيون والشركات الصناعية والتجارية، وشركات التأمين، ما يزيد من الضغوط على الاقتصاد الأميركي.
في المحصلة، فإن قرار ترامب السياسي مؤشر جديد إلى مدى الدعم الأميركي المطلق لإسرائيل من جهة، ومدى تغلغل اللوبي الإسرائيلي، وتزايد نفوذ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في أروقة الإدارة الأميركية، لكن العودة عنه إشارة جدية إلى قدرة المجتمع ومؤسساته على التحرّك والضغط.