هل يتبع الدوري الأمريكي نفس النمط الذي يتبعه الدوري السعودي؟

تشهد كرة القدم العالمية تحوّلات جذرية في خارطة النفوذ الكروي، بعد عقود من السيطرة الأوروبية على الأضواء والنجوم.
بدأت دول من خارج القارة العجوز في كسر هذا الاحتكار عبر استقطاب كبار النجوم العالميين، في مسعى لتغيير موازين القوى. في طليعة هذه الدول، برزت المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية، اللتان تسيران في اتجاه تعزيز مكانتهما المحلية، لكن عبر مسارات مختلفة.
ففي السنوات القليلة الماضية، خطف دوري روشن السعودي الأضواء، بعد تعاقد نادي النصر مع النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، فاتحاً الباب أمام موجة من التعاقدات مع نجوم الصف الأول في عالم كرة القدم. وسرعان ما أصبح الدوري السعودي وجهة مفضلة لأسماء لامعة، ليس فقط في نهاية مشوارها، بل حتى في أوج عطائها، ما عكس نية واضحة لتطوير المنظومة الكروية، بدءاً من رفع القيمة التسويقية للبطولة، مروراً بتحسين مستوى التنافس، وصولاً إلى تطوير اللاعب المحلي لخدمة المنتخب الوطني.
في الجهة المقابلة من العالم، بدأت الأنظار تعود تدريجياً إلى الدوري الأميركي “MLS”، وتحديداً منذ انتقال الأرجنتيني ليونيل ميسي إلى نادي إنتر ميامي، في خطوة كانت بمثابة نقطة انطلاق جديدة للدوري.
ميسي لم يكن الصفقة الوحيدة، بل تبعته موجة من التعاقدات البارزة شملت لاعبين كباراً، واستمرّت هذه التعاقدات حتى صيف 2025 حيث جرى استقطاب نجوم مثل توماس مولر (فانكوفر وايتكابس)، هيونغ مين سون (لوس أنجلوس)، رودريغو دي بول الذي انضم إلى ميسي في إنتر ميامي، إضافةً إلى عدد من المواهب الشابة من أميركا الجنوبية وخارجها، مثل وسام أبو علي القادم من الأهلي المصري إلى كولومبوس.
ليونيل ميسي. (إكس)
ورغم التشابه في الأهداف بين الدوريين، لا سيما في مسألة جذب النجوم العالميين، فإنّ الاختلاف في الاستراتيجية واضح. الدوري السعودي اعتمد منذ البداية على ضخ استثمارات ضخمة بدعم مباشر من صندوق الاستثمارات العامة، ما جعله أكثر قدرة على تقديم عروض مغرية مادياً، وتسريع وتيرة التطوّر الفني والتسويقي.
أما في الولايات المتحدة، فالوضع مختلف؛ فرغم دخول مستثمرين ورجال أعمال بارزين على خط دعم الأندية، إلا أنّ القيود المالية وسقف الرواتب المفروض في الدوري الأميركي يمثل تحدياً أمام جذب النجوم بنفس الزخم. لذلك، تتبع الكرة الأميركية نهجاً أكثر تدرجاً، قائماً على منح الامتيازات، واستثمار شهرة النجوم في توسيع القاعدة الشعبية لكرة القدم، مع استثمار شعبي في بطولات دولية كبرى مثل كأس العالم 2026 ومن قبله مونديال الأندية 2025.
المؤكد أنّ الدوري الأميركي يسير نحو نفس الهدف الذي حدده الدوري السعودي من رفع مكانة البطولة فنياً وتسويقياً، لكن بأسلوب مختلف يُراعي الخصوصية الاقتصادية والرياضية للبلاد.