هل أقر البرلمان العراقي قانوناً يشرع المثلية الجنسية؟ تحقق النهار من الحقيقة

تتداول العديد من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي خبراً يزعم أنَّ “مجلس النواب العراقي شرّع قانوناً للمثلية الجنسية يسمح بزواج رجل من رجل”. إلّا أنَّ هذا الادّعاء خاطئ. فالبرلمان العراقي لم يقرّ تشريعاً مماثلاً، والقالب الإخباري المتناقل معدّل. FactCheck#
“النّهار” دقّقت من أجلكم
في الادّعاء المتداول، قالب إخباري لجريدة “الصباح” الرسمية تضمّن صورة ملتقطة داخل مجلس النواب العراقي، وتظهر رئيس المجلس محمود المشهداني ونائبي الرئيس محسن المندلاوي وشاخوان عبدالله وعددا من النواب. وأُرفقت بخبر (من دون تدخّل): “مجلس النواب يصوّت على قانون المثلية، الزواج من رجل إلى رجل”.
الخبر الخاطئ المتناقل (فايسبوك)
وقد تحقّقت “النّهار” من الادّعاء، واتّضح أنَّه غير صحيح:
1- لم يعلن مجلس النواب العراقي عن تشريع أو مقترح قانون مشابه. ولم تتضمّن جداول أعمال جلساته هذا الموضوع. ولم تنشر أي وسيلة إعلام رسمية، مثل وكالة الأنباء العراقية (واع) أو الوكالات المحلية الأخرى، خبراً مماثلاً.
2- كذلك، لم تنشر جريدة “الصباح” هذا الخبر. وبالبحث العكسي عن القالب الإخباري المتداول، تبيّن أنَّه معدّل. وتم وضع الخبر الزائف على قالب إخباري أصلي نشرته الجريدة الأحد 3 أغسطس/آب 2025. وجاء فيه: “أبرز ما جرى في جلسة البرلمان اليوم”.
الخبر الأصلي (انستغرام)
في ذلك اليوم، نقلت “الصباح” عن الدائرة الإعلامية لمجلس النواب أبرز ما تضمّنته جلسة الأحد، إذ أدّى عمار كاظم الشبلي اليمين الدستورية بديلًا عن عطوان العطواني، وأجّل المجلس التصويت على مقترح قانون التعديل الثاني لقانون مؤسسة السجناء السياسيين رقم (٤) لسنة 2006، وأنهى القراءة الأولى لمشروع قانون جامعة العراق للعلوم الأمنية، وأنهى مناقشة مشروع قانون التعديل الاول لقانون الدفاع المدني.
كذلك، أنهى مناقشة مشروع قانون تنظيم حقوق ضحايا مستشفى ابن الخطيب وضحايا مركز النقاء وضحايا حادثة الحمدانية. وختم جلسته بإنهاء مناقشة مقترح قانون حماية وتحسين البيئة.
ولم تتضمّن الجلسة مطلقاً أي إشارة إلى إقرار أو مناقشة قانون يرتبط بإلغاء تجريم المثلية.
3- بالنسبة إلى جلسة البرلمان العراقي المنعقدة اليوم الثلثاء 5 أغسطس/آب، لم يتضمّن أيضاً جدول أعمالها مناقشة قانون مشابه. ومن المقرر ان يصوّت البرلمان على قوانين عدّة تتعلق بجوانب التعليم والطاقة والعلاقات الخارجية والبيئة، فضلاً عن مناقشة قوانين أخرى لا صلة لها بالخبر المتداول.
جدول أعمال جلسة البرلمان العراقي المنعقدة في 5 أغسطس/آب
تجريم المثلية والشذوذ الجنسي في العراق
يشار إلى أنَّ العراق سبق أن شرّع قانوناً يرتبط بالمثلية الجنسية. وقضى بتجريم المثلية و”الشذوذ الجنسي”. وقد صوّت، في 27 أبريل/نيسان 2024، على مقترح قانون التعديل الأول لقانون “مكافحة البغاء والشذوذ الجنسي” رقم (8) لسنة 1988 المقدّم من اللجنة القانونية.
ووفقاً للبرلمان، فإنَّ القانون جاء “انسجاماً مع الفطرة الإنسانية والطبيعة البشرية التي خلق الله تعالى الإنسان عليها من ذكر وأنثى، وحفاظاً على كيان المجتمع العراقي من الانحلال الخلقي ودعوات الشذوذ الجنسي التي غزت العالم، ولخلو التشريعات العراقية من العقاب الرادع لأفعال الشذوذ الجنسي ومن يروّج لها”.
وينصّ القانون على عقوبة تصل إلى السجن 15 عاماً لمن “يمارس الشذوذ”. كذلك، يحظر “الترويج للشذوذ”، الأمر الذي فتح الباب أمام مخاوف من شرعنة القتل والاعتداء والحد من الحرّيات الفردية، لا سيّما أن القانون يحتوي على كلمات فضفاضة غير واضحة، مثل “التخنّث” الذي يعاقب عليه القانون أيضاً.
لقطة لبعض بنود القانون
وقالت منظمة العفو الدولية، عقب إقرار القانون، إنَّ إقرار السلطات العراقية قانوناً يعاقب العلاقات المثلية بالسجن لمدة تصل إلى 15 عاماً، يمثل صفعة أخرى لمجتمع الميم في البلاد. وصرّحت الباحثة المعنية بالعراق في منظمة العفو الدولية رازاو صالحي بأنَّ “أفراد مجتمع الميم في العراق يعانون الترهيب والعنف بلا هوادة على أيدي جهات مسلحة تعمل بشكل علني- ومع إفلات تام من العقاب- على ملاحقة الأشخاص وتشويههم وقتلهم على أساس ميولهم الجنسية الحقيقية أو المفترضة”.
لقطة لبيان منظمة العفو الدولية
وأضافت: “إنَّ التعديلات الأخيرة تُعدّ اعتداءً على حقوق الإنسان، وتمثل تصعيداً يثير القلق في حملة السلطات لتشديد الرقابة على الحريات. وعلى السلطات العراقية إلغاء هذا القانون فوراً، وضمان احترام الحق في حرية التعبير وعدم التمييز لجميع الأفراد في البلاد، بغض النظر عن هوية النوع الاجتماعي أو الميول الجنسية”.