الجيش اللبناني في الذكرى الثمانين: مواجهات مع التحديات الداخلية والتهديدات الإسرائيلية والأزمات السورية

بين التهديدات الإسرائيلية والمتغيرات السورية المتسارعة، يقف الجيش اللبناني في عيده الثمانين، “شاهرا سلاحه” لحماية الداخل اللبناني من أي ارتجاج. فالعين دائما على أمن لبنان واستقراره.
بهذه المعادلة تختصر التحديات التي تواجه الجيش حاليا.
هكذا يواجه لبنان تحديات استراتيجية وأمنية كبيرة. فالسلطة السياسية، ومن وراءها البلاد، أمام مسؤوليات أمنية ضاغطة بين “استحقاقات داخلية” و”وسط إقليمي متفجرّ”. على الحدود الجنوبية تهديدات إسرائيلية مستمرة.
على الحدود الشرقية – الشمالية متغيرات سورية. وفي الداخل تحديات تفرض نفسها، في أكثر من منطقة وفي أي وقت، فأين الجيش اللبناني من كل ذلك؟
بهذا الترتيب “يتحرّك” الجيش اللبناني. وفي التصنيف، فقد احتلّ المرتبة 115 عالميا، من 145، في آخر تقويم للبيانات التي نشرها موقع “globalfirepower”. ومن حيث الإنفاق العسكري، احتلّ المرتبة 97 عالمياً، وبلغ إنفاقه عسكريا 0.76 مليار دولار.
أمام كل هذه الأرقام، قد يبدو الجيش مفتقرا إلى أهم منظومة قتالية ينبغي أن تمتلكها الجيوش، وهي التسليح المتطور أو عدد الطائرات الحربيّة الحديثة والصواريخ الجوية المتطورة، إلا أنه يفعّل نشاطه وحركته ليغطي أي فراغ أو خرق ممكنين.
وقف نار ومطلوبون
لعلّ الأجواء اللبنانية المكشوفة تبدو الدليل الساطع على هذه الخروق.
من هنا، يبدو التحدي الأول تنفيذ اتفاق وقف النار الذي وقّع في تشرين الثاني/نوفمبر 2024. من هذا التحدي تتعدد التحديات أمام الجيش: دخول المناطق الحدودية للمساهمة في تنفيذ اتفاق وقف النار.
في معلومات “النهار”، وبالأرقام، فقد انتشر إلى الآن 6 آلاف جندي في الجنوب من 10 آلاف يفترض أن ينتشروا بعد الانسحاب الإسرائيلي التام. وجنوبا أيضا، يواجه الجيش خطر إزالة الألغام أو الذخائر غير المنفجرة.
التحدي الثاني: إشكالية الحدود الشمالية الشرقية، لما لها من صعوبة وتحدّ كبيرين بسبب المتغيرات السورية السريعة، والتي يخشى من ارتداداتها على الداخل اللبناني.
في إطار هذا التحدي تندرج سلسلة من الأخطار. أولها، المعابر غير الشرعية ومكافحة التهريب، سواء لأشخاص أو لبضائع، ولا سيما بعدما ارتفعت في الأعوام الأخيرة نسبة التسلل عبر الحدود حين تكاثرت أعداد اللاجئين السوريين.
في هذا الشق، تلفت أوساط متابعة لـ”النهار” إلى أنه “في سياق مكافحة أعمال التسلل غير الشرعي والتهريب عبر الحدود البرية، أحبطت وحدات من الجيش سلسلة محاولات تسلل عند الحدود اللبنانية – السورية، لا تزال مستمرة”، مشيرة إلى أنه “في شهر نيسان/أبريل الفائت وحده، أحبط الجيش تسلل أكثر من 200 سوري عند الحدود”.
ولعلّ هذه المهمة غالبا ما تتم عبر تركيز نقاط مراقبة على طول الحدود، وإقامة حواجز دورية وثابتة، وتنفيذ دوريات مركزة.
أما التحدي الثالث فهو تنفيذ عمليات دهم للمطلوبين، أو بالأحرى “لأشهر المطلوبين”. هذا الملف “موروث” منذ أعوام كثيرة، ولا سيما أن أعداد مذكرات التوقيف بلغت 30 ألفا.
التحدي الرابع: رصد الخلايا الأمنية، وآخرها ما تم الكشف عنه في إحدى بلدات قضاء عاليه.
التحدي الخامس: الداخل اللبناني عبر تنفيذ عمليات دهم لتوقيف عدد من المطلوبين أو مطلقي الرصاص الطائش. ويبقى التحدي الأهم: التسليح وملء الشغور.
حاليا، هناك 60 ألف جندي نظامي و35 ألفا في الاحتياط، فيما معادلة التسليح لا تزال تفرض نفسها، سواء بالنسبة إلى الأسطول البحري أو الطائرات الدفاعية، أي الأسطول الجوي أو البري.
“مهما تعددت التحديات، تبقى العين دائمة على الداخل لمنع التلاعب بالأمن أو الاستقرار”. هذا ما يواجهه الجيش اليوم، وربما يكاد يكون الامتحان الأكبر منذ الاستقلال.