الريال اليمني ينتعش في عدن… انخفاض كبير للدولار والريال السعودي خلال أربعة أيام

الريال اليمني ينتعش في عدن… انخفاض كبير للدولار والريال السعودي خلال أربعة أيام

عدن – عبدالرحمن أنيس

شهدت العاصمة اليمنية الموقتة عدن، خلال الأيام الأربعة الأخيرة، تحسناً مفاجئاً وغير مسبوق في قيمة الريال اليمني أمام العملات الأجنبية، وعلى رأسها الدولار الأميركي والريال السعودي.

 

وابتداءً من يوم الأربعاء 30 تمّوز/يوليو وحتى الأحد 3 آب/أغسطس 2025، سجل الريال اليمني تحسناً كبيراً حيث انخفض سعر صرف الريال السعودي مقابل الريال اليمني من 780 ريالاً إلى 420 ريالاً.

 

واستعاد الريال اليمني بهذا التحسن في أسعار الصرف نحو 45% من قيمته مقابل الدولار خلال أربعة أيام فقط، في تراجع يعد من الأعلى منذ سنوات في مناطق الحكومة الشرعية.

تراكم إصلاحات مؤسسية

ويرى المستشار الاقتصادي في مكتب رئاسة الجمهورية اليمنية فارس النجار في حديث إلى “النهار” أن التحسن اللافت في سعر صرف الريال اليمني خلال الأيام الأخيرة لم يكن نتيجة لحظة طارئة أو إجراء منفرد، بل يمثل حصيلة “تحولات تراكمية” في بنية العمل المالي والنقدي، بدأت ملامحها التبلور منذ مطلع العام الحالي.

 

وقال النجار إن استعادة البنك المركزي زمام المبادرة في سوق الصرف ما كان ليتحقق لولا تشكيل بيئة مؤسسية جديدة أحاطت بالقطاع المالي، شملت نقل المراكز الرئيسية للبنوك إلى عدن، وتفعيل الجمعيات المهنية للصرافين والمصارف، إلى جانب إطلاق الشبكة المالية الموحدة. 

 

واعتبر أن هذه الخطوات مجتمعة عززت من قدرة البنك على ضبط السوق ضمن نطاق مقبول، بعد سنوات من التشتت والاضطراب.

 

صورة تعبيرية (وكالات)

 

 

تنظيم الاستيراد .. خطوة مفصلية
وأشار النجار  إلى أن واحدة من أبرز الخطوات التي لم تحظَ باهتمام إعلامي كافٍ تمثلت في تنظيم استيراد المشتقات النفطية، إذ أصدر البنك المركزي توجيهاً صريحاً بوقف بيع العملة الصعبة لتجار هذا القطاع خارج النظام المصرفي.
 وأضاف: “ما إن بدأ تنفيذ هذا القرار، حتى حدث تحول واضح في حجم الطلب على النقد الأجنبي، وظهر أثره مباشرة في السوق”.

دعم سياسي وأمني لقرارات البنك
وأشاد النجار بالدور الحاسم لمجلس القيادة الرئاسي، الذي وفر – بحسب تعبيره – “غطاءً سياسياً وأمنياً حقيقياً” للإجراءات الاقتصادية، وساهم في توحيد الموقف تجاه الملفات الاقتصادية الحساسة، بما في ذلك الرقابة على البنوك وضبط الإنفاق العام.

 

 وأكد أن هذا التوافق، بالإضافة إلى ضغط دولي متصاعد على مراكز النفوذ لتعجيل الإصلاحات، هيّأ الأرضية لخطوات جريئة طال انتظارها.
ونوّه النجار بأن ما حدث لا ينبغي قراءته كتحول مفاجئ، بل كـ”ذروة لسلسلة جهود متراكمة” شملت مراجعة أداء المؤسسات، تقييم سلوك البنوك، واستكمال متطلبات الرقابة الفعلية على النظام المصرفي، مشيراً إلى أن هذه الجهود كانت “مُعطّلة لأشهر بفعل تعقيدات سياسية وإدارية”، حتى بدأت مرحلة من الانفراج التنظيمي التي انعكست مباشرة على السوق.

تحذير من خدعة سعرية
إلى ذلك، حذر الخبير الاقتصادي اليمني وحيد الفودعي في حديث إلى “النهار” من مغبّة التعامل مع تراجع سعر الصرف الأخير كإنجاز نهائي أو تحول دائم، داعياً إلى قراءة دقيقة لما يحدث في سوق العملة، والتأكد من أن التحسن يتم وفق سياسة نقدية مدروسة، لا بفعل ارتباك أو مضاربات عشوائية.

 

وقال الفودعي: “أنا مع هبوط سعر صرف الدولار إلى أدنى مستوياته، طالما أن صعوده سابقاً كان نتيجة مضاربات في السوق”، لكنه شدّد على أن هذا الهبوط يجب أن يتم بتوجيه مباشر من البنك المركزي، ووفق رؤية علمية واضحة تراعي مفهوم “السعر العادل”، الذي يستبعد أثر المضاربات والاختلالات الموقتة.

 

وأشار إلى أنه يفترض بالبنك المركزي أن يكون قد حدد هذا السعر مسبقاً، أو على الأقل يمتلك القدرة الفنية على تقديره، ليكون بمثابة الهدف الأساسي لسياسته النقدية، لا مجرد نتيجة لحالة ذعر أو ارتباك في السوق.

 

تثبيت السعر ومنع الارتداد
واعتبر الفودعي أن ما بعد الهبوط هو التحدي الحقيقي، إذ تقع على البنك المركزي والحكومة مسؤولية مضاعفة تتمثل في تثبيت السعر الجديد، ومنع حدوث ارتداد حاد نحو الصعود. وأضاف: “أي صعود لاحق سيكون مؤشر فشل في ضبط السوق، وستكون له آثار كارثية على المستهلكين، لا سيما الفئات الهشة التي وثقت بالبنك المركزي وتفاعلت مع التحسن”.