مبادرة الأمم المتحدة بشأن غزة: الولايات المتحدة تتبنى الحلول التوفيقية.

مبادرة الأمم المتحدة بشأن غزة: الولايات المتحدة تتبنى الحلول التوفيقية.

لم يكن مفاجئاً تسريب اقتراح إدارة أممية لقطاع غزة بقيادة الولايات المتحدة، في لحظة سياسية معقّدة إسرائيلياً وأميركياً. فالمقترح الذي كُشف عنه عبر “القناة 12” العبرية لا يمكن عزله عن “المأزق” الاستراتيجي الذي وصلت إليه إسرائيل بعد شهور من الحرب دون أفق واضح حيال الأهداف والنتائج.

إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تعمل على بلورة خطة تهدف إلى إيجاد مخارج للصراع اللامنتهي، وفي جوهر المقترح، منح حركة “حماس” مهلة للإفراج عن الرهائن، مقابل اتفاق على وقف إطلاق النار وإدارة انتقالية للقطاع تشرف عليها جهات دولية بقيادة واشنطن، تحت ذريعة تحسين الأوضاع الإنسانية والأمنية، لكن الكرة في ملعب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي لا يبدو أنه يريد الحل.

هذا الطرح الذي “يبدو إنسانياً في ظاهره”، يخفي في مضمونه “مناورة” سياسية عميقة لإعادة هندسة غزة بمنطق “القطاع ما بعد حماس” وبميزان قوى أميركي، وفق ما يقول مصدر فلسطيني، وهي محاولة لصياغة “واقع سياسي وأمني جديد”، تُقصى فيه “حماس” عن إدارة القطاع، وتُفرّغ وفقه غزة من أي وزن عسكري يمكن أن يهدد أمن إسرائيل، لا اليوم ولا بعد سنوات، ويحكم القطاع بصيغة وسطية، أي إدارة أممية لا إسرائيلية ولا فلسطينية.

الاقتراح الأميركي – الإسرائيلي، وإن حمل عنوان “وقف إطلاق النار لمدة 60 يوماً”، إلا أنه ليس وقفاً صريحاً للحرب بقدر ما هو فرصة لإعادة تموضع إسرائيلي، وتأمين حدود غزة بغطاء أممي، حسب المصدر الذي يتخوّف من احتمال عودة إسرائيل إلى الحرب في حال التوصّل لاتفاق، كما حصل في المرة الأخيرة. أما من جهة الولايات المتحدة، فهو استثمار ديبلوماسي يستهدف “إرضاء الحلفاء العرب”، و”طمأنة” إسرائيل.

 

رفع علم فلسطين (أ ف ب).

الدول العربية قد تجد في الإدارة الأممية مخرجاً أيضاً، وتحقق الحد الأدنى من أهدافها المتمثلة بوقف الحرب والمجاعة في غزّة، والركون إلى حلول ولو كانت موقتة كالإدارة الأممية، على أن تكون شريكة بهذه الإدارة.

في المحصلة، نجاح هذه المبادرة مرهون بقرار نتنياهو لإنهاء الحرب والشروع نحو الحلول الموقتة أو الدائمة، لكن مما لا شك فيه أن الولايات المتحدة تحاول رسم واقع سياسي وأمني جديد في غزّة، يكون لها القرار الأول فيه، وهي مبادرة أكثر ديبلوماسية من “ريفييرا غزّة”، لكنها قد تصب في النتيجة نفسها.