ضغط أميركي لإنجاز خطة ‘نزع السلاح’… هل تشتت مواقف ‘حزب الله’ جلسة الحكومة؟

لم تذلل كل العقبات أمام خروج مجلس الوزراء في جلسته المقررة الثلاثاء بقرار يحدّد برنامجاً زمنياً لسحب السلاح، إذ أن التعقيدات لا تزال قائمة، فيما تجري اتصالات بين الرؤساء وتوازياً مع “حزب الله”، للتوصل إلى صيغة لن تكون أكثر من تسوية بين حصر السلاح وفق خطاب القسم والبيان والوزاري من دون مهل زمنية، تجنباً لتفجير الحكومة في ضوء إصرار “حزب الله” على رفض البحث بتسليم سلاحه. لكن هذه التسوية لا تجيب على الطلبات الخارجية التي تريد التزاماً لبنانياً بخطة زمنية واضحة قبل البحث في أي مساعدة للبنان في الضغط على إسرائيل لسحب جيشها من النقاط المحتلة والبدء بإعادة الإعمار، إذ تشير مصادر ديبلوماسية إلى أن الأميركيين أبلغوا لبنان الرسمي من خلال القناة المفتوحة عبر السفارة في بيروت، إصرار واشنطن على ضرورة وضع خطة بمهلة زمنية محددة لسحب سلاح “حزب الله” ووضع مسار للتفاوض من أجل ترسيم الحدود مع إسرائيل، قبل البحث في انسحابها من النقاط المحتلة، وهذه المطالب هي نفسها ما كانت طرحته الموفدة السابقة مورغان أورتاغوس، ولا تتناقض مع الورقة الأميركية التي سلمها المبعوث توم برّاك سابقاً إلى لبنان.
تنعكس المواقف الأميركية الجديدة على أجواء جلسة الحكومة، إذ أن المشاورات لم تفلح حتى الآن في التوصل إلى صيغة لإقرارها ترفع الضغوط الخارجية، وهو أمر مرهون بالاتصالات مع “حزب الله” الذي يرفض أي بحث لا بمهلة زمنية ولا بغيرها، ولا يقدم في المقابل صيغة تمكن لبنان من مواجهة الأخطار التي يتعرض لها. وفي الواقع، تتقاطع الشروط الأميركية الجديدة مع ضغط إسرائيلي، حيث ترفع تل أبيب من سقف شروطها في ما يتعلق بجنوب الليطاني وتعمل في الوقت نفسه وفق ما تنقله تقارير غربية على تثبيت مواقعها في النقاط الخمس المشرفة على مناطق واسعة من الجنوب وتعمد بفعل الأمر الواقع إلى اعتبارها منطقة أمنية عازلة.
يشارك الحاضرون الذين يحملون علم لبنان في تجمع في حي تور فيرغاتا الشرقي في روما في صلاة يقودها البابا (أ ف ب)
وحتى لو تمكن مجلس الوزراء من إقرار بند يؤكد حصرية السلاح بيد الدولة، تبقى المشكلة في تنفيذه أو وضع آلية عملية لذلك، إذ يصعب وفق مصادر سياسية متابعة أن يُتخذ قرار يحدد جدولاً زمنياً لسحب السلاح، إلا إذا تم الاتفاق في اللحظة الأخيرة على صيغة تحمي لبنان وتقيه من الذهاب إلى مغامرات تطل برأسها بفعل الممانعة التي يبديها “حزب الله” ليس في ما يتعلق بسحب السلاح وحصره بيد الدولة إنما بإنقاذ لبنان وإخراجه من الرهانات في المواجهة مع المجتمع الدولي.
أمام هذه الاستحقاقات، تواجه البلاد أخطاراً كبرى لا تقف عند احتمالات الفوضى وعجز الدولة عن الوفاء بالتزاماتها وتفجير الحكومة، إنما من احتمال تصعيد إسرائيلي واسع يحوّل البلاد إلى مسرح عمليات تزعم إسرائيل أنها تريد القضاء على مواقع ومخازن “حزب الله”، علماً أن جزءاً من ذرائعها وهمي، بعد الضربات التي وجهت إلى الحزب، انما الحزب نفسه أيضاً يقدم لها الذرائع عندما يعلن أنه لا يزال يحتفظ بسلاح ثقيل يتركه للتطورات، وهو يعلم أن سلاحه لم يحم بيئته ولا لبنان.
وبينما انتهت مهمة توم برّاك بعد محاولته الاخيرة في التفاوض مع رئيس مجلس النواب نبيه بري حيث تسلم منه مقترحات معينة لم تستسغ للإدارة الأميركية ووجهت برفض إسرائيلي، فإن لبنان ينتظر تبلّغه تكليف مورغان أورتاغوس مجدداً بالملف اللبناني، وحتى ذلك الوقت تتولى السفارة في بيروت إيصال الرسائل الأميركية المطلوبة التي كان آخرها ما نصت عليه رسالة تطلب السير بمهلة زمنية محددة وهو موقف لا رجعة عنه بما يعني أن المقاربة الأميركية حول لبنان لم تتغيّر، لا بل تتجه إلى الضغط بالعقوبات؟
[email protected]
Twitter: @ihaidar62