إهدن… مدينة المصايف الساهرة دائماً

إهدن… مدينة المصايف الساهرة دائماً

قُدّر عدد زوار بلدة إهدن، عروس مصايف شمال لبنان، ليل أمس بنحو ستين ألف شخص، توزّعوا بين سكّانٍ مقيمين، ومصطافين استأجروا بيوتًا أو شققًا سكنية، وروّاد فنادق وسياحٍ من مختلف المناطق اللبنانية، بالإضافة إلى المغتربين والعرب والأجانب الذين قصدوا هذه البلدة النابضة بالحياة، إمّا لحضور مهرجانات “إهدنيات”، أو للسهر في ساحة “الميدان” الشهيرة بما تحتضنه من مطاعم ومقاهٍ ومشروبات تقليدية كـ”السحلب”، أو لحضور الحفلات الفنية والطربية التي تُنظّم في المقاهي والفنادق، والتي باتت تمتد تدريجيًّا نحو منطقة “الأرزة”، قرب نبع مار سركيس، صعودًا إلى بقوفا وحميصرون، وصولًا إلى أعالي جبل مار سركيس والقرنة السوداء، ومحمية حرج إهدن الطبيعية.

 

 

إهدن (طوني فرنجية)

 

وقد تزامن هذا الإقبال الكثيف مع توافد أعداد كبيرة من المؤمنين لأداء شعائر الحج الديني والمشاركة في احتفالات الذكرى الأولى لتطويب البطريرك أسطفان الدويهي الإهدني، والتضرع من أجل إعلانه قديسًا، خاصةً في ظلّ ما يُتناقل عن شفاءات خارقة تجري بشفاعته.

وكان جزء كبير من الزوار قد قصدوا محمية حرج إهدن، بحثًا عن ملاذ طبيعي هادئ، يمنحهم متنفساً وراحةً نفسية. وقد شهدت البلدة ازدحاماً مرورياً غير مسبوق، إذ قُدّر عدد السيارات المتنقلة داخلها بحوالى عشرة آلاف مركبة، عدا عن تلك المركونة في أماكن الوقوف المخصصة للمهرجانات، والمواقف المستحدثة بمبادرة من البلدية قرب المطاعم والمقاهي والمراكز الترفيهية، لا سيما عند التحويرة الجديدة.

 

 

 

وقد واكبت بلدية إهدن هذا الاكتظاظ بكامل أجهزتها، خصوصاً شرطة السير والدوريات الجوالة، حفاظاً على راحة المواطنين وسلامتهم، في حين أسهمت القوى الأمنية، من خلال انتشارها الكثيف، في ترسيخ أجواء من الطمأنينة والنظام.

ورغم كلّ الإجراءات، كانت الزحمة كبيرة، واكتظّت الشوارع بالمشاة والسيارات، في مشهد نابضٍ بالحيوية، خصوصاً في وسط البلدة والطرقات المؤدية إلى ساحة “الميدان” ومحيطها.

 

 

وقد ساهم الجميع في إنجاح هذه الليلة، كلٌّ من موقعه، لتبقى إهدن كما عهدها زوّارها منذ عقود، بلدةً مضيافة، تفتح صدرها للضيوف والمحبّين. ولم يُسجّل فيها أي إشكال يُذكر، بل كانت الابتسامة حاضرة على وجوه الجميع، حتى أن كثيرين انتظروا دورهم لفنجان من “السحلب” حتى ساعات الفجر الأولى دون تذمّر.

 

 

 

إهدن لم تنم تلك الليلة، بل امتدّ سهرها حتى شروق شمس الأحد، التي أشرقت على الساهرين في الميدان والمقاهي المحيطة به، قبل أن يُسدلوا جفونهم للراحة.

إنه فصل الصيف، وهذه هي إهدن التي لا تنام، بلدة القلب المفتوح والبيت المفتوح، التي يقصدها الناس من كلّ مكان ليجدوا فيها ملاذًا من الهموم وثقل الأيام.