تناقضات الموقف الأميركي تزعج الأردنيين بشأن تقدم ‘حل الدولتين’

ينظر الأردن إلى التطورات المتعلقة بمسار “حل الدولتين”، لا سيما نتائج المؤتمر الذي عقد قبل أيام بمقر الأمم المتحدة في نيويورك، بوصفها قفزة نوعية تم خلالها تكثيف الزخم الدولي نحو الاعتراف بدولة فلسطينية، وخلق مزيد من الضغط على إسرائيل بهذا الاتجاه.
ورحب الأردن بالبيان المشترك الصادر عن وزراء خارجية دول أندورا، أستراليا، كندا، فنلندا، فرنسا، لوكسمبورغ، مالطا، نيوزيلندا، البرتغال، سان مارينو، الذي يؤكد عزمها الاعتراف رسمياً بالدولة الفلسطينية، والذي وقعت عليه أيضا الدول التي سبق أن اعترفت رسميا بالدولة الفلسطينية، آيسلندا، إيرلندا، النرويج، إسبانيا، سلوفينيا، وذلك خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/ سبتمبر المقبل.
وأكد الأردن أن “هذا الموقف الدولي المتنامي يعكس إصراراً متزايداً على إنهاء الاحتلال وتجسيد حل الدولتين على أساس قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، ويمثل دعماً واضحاً للجهود الدولية الرامية إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية على خطوط الرابع من حزيران لعام 1967وعاصمتها القدس الشرقية، على أساس حل الدولتين، بما ينسجم مع قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية”.
وخلال مؤتمر الأمم المتحدة، أكد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، أن “كارثية الفشل في تنفيذ حل الدولتين تتجلى يومياً في الأراضي الفلسطينية، قتلاً ودماراً وتجويعاً”، مشدداً على أن “حل الدولتين يظل السبيل الوحيد لتحقيق السلام العادل والشامل، الذي ينهي الاحتلال والقهر والقمع، ويجسّد الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة، على التراب الوطني الفلسطيني، على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية لتعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل، وفق قرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية”.
وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي (أرشيفية)
ورداً على استفسارات “النهار”، قال مصدر ديبلوماسي أردني إن “من بين أبرز إفرازات مؤتمر الأمم المتحدة وقبله الحراك الأردني – العربي، هو أن الإيمان بضرورة حل الدولتين أصبح خياراً عالمياً لا عربياً فقط”، مؤكداً في الوقت ذاته أن “الأردن وعلى مدى فترات طويلة تبنى هذا الطرح وسيظل متمسكاً به بوصفه الحل الأمثل للسلام في المنطقة وتحقيق العدالة للفلسطينيين وإنهاء معاناتهم مع الاحتلال”.
وأقر المصدر بأن “موقف الولايات المتحدة تجاه حل الدولتين يعد العقبة الأبرز، خصوصاً أنها الدولة الأكثر قدرة على التأثير في الموقف الإسرائيلي وبالتالي ترويضه”، مشيراً إلى أن “الأردن لن ييأس يوماً فيما يتعلق بمواصلته التحركات والضغوط التي يؤمن أنها ستفضي في نهاية المطاف إلى حالة من الاستقرار بما يحفظ حقوق الفلسطينيين ويضمن استقرارهم”.
وكانت الولايات المتحدة استبقت مؤتمر “حل الدولتين” بالدعوة إلى مقاطعته، ووجهت بالفعل رسائل تحذيرية إلى عدد من العواصم تحثها على عدم الحضور، ولوحت بعواقب ديبلوماسية بحق الدول التي تقدم على “خطوات مناهضة لإسرائيل”.
وخلال انعقاد المؤتمر، قالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية تامي بروس إن “هذا المؤتمر ليس أكثر من حيلة دعائية تأتي في منتصف جهود ديبلوماسية حساسة لإنهاء النزاع”، مضيفة أنه “سيطيل أمد الحرب في غزة، ويشجع حماس، ويقوض الجهود الحقيقية لتحقيق السلام”.
اقرأ أيضاً: ملفّ خاص من “النهار”: “حلّ الدولتين”… أمل جديد في نيويورك
ومن وجهة نظر الصحافي أحمد غنيم، فإن “الأردن ورغم التحديات والمعيقات الذي واجهت وما تزال تواجه مسار حل الدولتين، إلا أن جهوده في هذا الإطار لم تنقطع، بل تستمر بوتيرة مدروسة لن تتوقف، كونها نابعة من إيمان راسخ بأن ذلك هو المسار الوحيد لتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة، لا سيما أن جهوداً أخرى عربية وإقليمية ودولية تصب في الاتجاه ذاته”.
وأضاف غنيم لـ”النهار” أن “التطورات الأخيرة بهذا الملف وأبرزها مؤتمر الأمم المتحدة وإعلان العديد من الدول نيتها الاعتراف بدولة فلسطين في أيلول/ سبتمبر المقبل، لا يعد مؤشراً إيجابياً وحسب، إنما قفزة كبيرة باتجاه توسيع دائرة الدول المقتنعة بجدوى حل الدولتين ومنح هذا الملف زخماً وثقلاً دوليا”.
ولم يغب عن بال غنيم الحديث عن “ضرورة زحزحة الموقف الأميركي المتبني للراوية الإسرائيلية وموقف الدولة العبرية الرافض بشدة لحل الدولتين”، مستبعداً في الوقت ذاته أن “تفكك واشنطن موقفها بهذا الخصوص، وأنها ستستمر بالتماهي مع الموقف الإسرائيلي باعتبار ذلك جزء من دعمها المطلق لإسرائيل فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية”.