الوكلاء الذكيون: نتائج التعاون بين الخليج وأمريكا في مجال الذكاء الاصطناعي

نديم الفحيلي*
وكلاء الذكاء الاصطناعي هي أنظمة برمجية ذكية قادرة على تنفيذ مهام واتخاذ قرارات بشكل مستقل نيابةً عن البشر لتحقيق أهداف محددة. فعلى سبيل المثال، يمكن لوكيل ذكاء اصطناعي إجراء عمليات شراء وجدولة مواعيد بالنيابة عن المستخدم دون أي تدخل مباشر.
ويمتاز الجيل الحالي من الوكلاء بقدرته على العمل بشكل مستقل واستباقي لتحقيق أهداف عامة، وأداء مهام متعددة – من البحث في قواعد البيانات واتخاذ القرارات إلى تنفيذ معاملات – دون أي تدخل بشري أثناء التنفيذ. وفقًا لمجلة Forbes (2025)، فإن وكلاء الذكاء الاصطناعي – بخلاف روبوتات الدردشة التقليدية – قادرون على تنفيذ مهام معقدة من خلال التواصل مع أنظمة أخرى وحتى كتابة التعليمات البرمجية الخاصة بها بشكل ذاتي، مما يوسع نطاق قدراتها بصورة غير مسبوقة.
لقد شهدت الفترة الأخيرة تنامياً ملحوظاً في الاعتماد العملي على وكلاء الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات. فقد أصبح الحديث في أوساط التقنية يدور حول هذه “الوكلاء” باعتبارها المرحلة التالية في تطور الذكاء الاصطناعي (كما ذكرت “بلومبرغ” عام 2025). وتوقعت سارة فريار، المديرة المالية لشركة “أوبن إيه آي”، أن يكون عام 2025 محطة فاصلة لانتشار الوكلاء بشكل يفاجئ المراقبين بسرعته، حيث ستساعد في المهام اليومية وتعزز الكفاءة والإنتاجية. وبالفعل، بدأت شركات كبرى توظّف هؤلاء الوكلاء الرقميين لأتمتة الأعمال على مدار الساعة، مما يدل على تسارع الاستخدام العملي لهذه التقنية (بحسب “بلومبرغ”، 2024(باختصار، يمثل ظهور وكلاء الذكاء الاصطناعي نقلة نوعية من أدوات رد فعلية بسيطة إلى منظومات مستقلة قادرة على اتخاذ القرارات وتنفيذ الإجراءات لتحقيق أهداف محددة بكفاءة عالية.
دور التعاون الخليجي الأمريكي في بناء وكلاء الذكاء الإصطناعي
على الصعيد الإقليمي، كان للشراكة التقنية بين دول الخليج والولايات المتحدة ضمن مشروع “Stargate AI” دورٌ حيوي في تسريع تطوير ونشر وكلاء الذكاء الاصطناعي في العالم العربي. هذه الشراكة – التي تجمع بين طموح واستثمارات الدول الخليجية والخبرة التقنية الأمريكية – أسفرت عن إطلاق مبادرات ضخمة لتطوير البنية التحتية اللازمة للذكاء الاصطناعي. وتقود شركة G42 الإماراتية المدعومة من “مايكروسوفت” هذه الجهود بالتعاون مع عمالقة التكنولوجيا الأميركيين مثل “أوبن إيه آي” و “إنفيديا” وOracle وCisco وSoftBank. ضمن هذا الإطار يجري إنشاء مركز حوسبة فائقة في أبوظبي بقدرة 1 جيجاواط يُعرف باسم “Stargate UAE”، ومن المقرر أن يبدأ تشغيله في عام 2026.
ستُزوَّد هذه المنشأة بحوالي 100 ألف من أحدث شرائح “إنفيديا” للذكاء الاصطناعي، مما يجعلها أحد أضخم مراكز الذكاء الاصطناعي في العالم. ويعكس هذا الاستثمار ضخامة الدعم المقدَّم للبنية التحتية الحاسوبية في المنطقة (مثل مراكز البيانات وأشباه الموصلات المتقدمة). ومن شأن هذه القدرات المحلية تمكين الباحثين والشركات العربية من تدريب وتشغيل نماذج ذكاء اصطناعي متقدمة محليًا، وتمهيد الطريق لتطوير وكلاء ذكاء اصطناعي مخصصة للغة العربية واحتياجات المنطقة. كما تحمل هذه الشراكة بعدًا استراتيجيًا؛ إذ يرى محللون أنها توجه المنطقة نحو تبنّي التقنية الأمريكية على حساب البدائل الصينية.
بحسب تقرير Wired (2025)، تستثمر دول الخليج مبالغ طائلة من عائداتها النفطية في مشروعات ذكاء اصطناعي عملاقة بهدف التحول إلى اقتصادات معرفية متقدمة.
وفي هذا السياق، قال سام ألتمان – الرئيس التنفيذي لـ “أوبن إيه آي” – إن تأسيس منصة “Stargate” في الإمارات يحوّل هذه الرؤية إلى واقع، بحيث تساهم المنطقة في تحقيق اختراقات تقنية تخدم البشرية. وبالمحصلة، أرست هذه الشراكة أسسًا متينة لدعم تطوير وكلاء ذكاء اصطناعي محليًا، وربط المنطقة بمنظومة الابتكار العالمية في هذا المجال.
**دكتور في التكنولوجيا المالية وخبير في الذكاء الاصطناعي – جامعة السوربون، باريس