ماغا تضغط على ترامب حول غزة واستطلاعات الرأي تظهر نتائج غير مرضية له

ماغا تضغط على ترامب حول غزة واستطلاعات الرأي تظهر نتائج غير مرضية له

“إنه كاذب مثير للاشمئزاز”.

ما لا يقوله العالم بهذه الصراحة عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قاله بيرني ساندرز. السيناتور الاشتراكي اليهودي كان يردّ هذا الأسبوع على مجمل مزاعم نتنياهو بأن لا مجاعة في غزة. 

نتنياهو الذي يفضل تنميق عباراته واختصارها ما أمكن لتبدو موثوقة وصالحة للعناوين قال مؤخراً: “لا يوجد سياسة تجويع في غزة. لا يوجد مجاعة في غزة”. هذا اليقين القاطع لديه، والذي هشمه الشيخ الأحمر بيرني ساندرز على طريقته، لا يجد نتنياهو اسماً موزوناً يدعمه فيه، أو حتى يدعم مزاعمه بأن “حماس” هي التي تصادر المساعدات، وهو ما نفته الأمم المتحدة.

حتى صديقه العزيز، الرئيس دونالد ترامب، قال إنه لا يمكن تزوير صور الأطفال التي رآها وزوجته ميلانيا. الصور ذاتها التي يفيض بها الكوكب لرضع بعيون شديدة الاتساع لشدة نحول الوجوه والأجساد التي لم يبق منها، حرفياً، سوى الجلد ليغطي العظم.

ترامب أرسل مبعوثه ستيف ويتكوف الأربعاء إلى إسرائيل وأعلن أن الولايات المتحدة ستستأنف إرسال المساعدات إلى القطاع المحاصر. لكنه الآن يبدو مطالباً بأكثر من ذلك، لاعتبارات عديدة، تبدأ بالضغط العالمي وتنتهي بقاعدته الشعبية اللصيقة.

كندا وفرنسا أعلنتا قرارهما بالانضمام إلى نادٍ دولي يتألف من 147 دولة في الأمم المتحدة من أصل 193 تعترف بفلسطين كدولة. بريطانيا أيضاً أعلنت أنها ستقدم على الخطوة نفسها ما لم تعلن إسرائيل وقف النار. مع باريس ولندن معترفتين بفلسطين، ستصير أميركا وحيدة بين الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن التي لا تلحظ فلسطين كدولة.

 

تظاهرة مؤيدة لغزة في باريس. (أ ف ب)

 

هذه المواقف من الحلفاء الأقرب، ومن الجارة الشمالية لأميركا التي هددها ترامب بمزيد من الضرائب إذا اعترفت بالدولة، تترجم سخطاً ليس من سياسات إسرائيل فحسب، بل من الغطاء الأميركي الواقي لنتنياهو في حربه التي ستفتتح عامها الثالث بعد تسعة أسابيع من الآن، وقد فاق العداد ستين ألف قتيل. والأطفال الذين لم تقتلهم الصواريخ يلحقون أترابهم بالجوع، أشد احتمالات الموت قسوة.

وداخلياً، حيث الأرقام تعني ترامب أكثر من أي شيء، تخرج استطلاعات الرأي الأخيرة بما لا يسر خاطره. 6 من أصل 10 أميركيين بالغين يرفضون الحرب الإسرائيلية في غزة. الرقم يرتفع إلى 9 من عشرة لدى الفئة العمرية أقل من 35 عاماً. وانخفضت شعبية ترامب إلى أدنى مستوى لها منذ بدء ولايته الثانية إلى 40 في المئة، بينما ترتفع نسبة الأميركيين غير الراضين على سياسة الرئيس الأميركي حيال الشرق الأوسط إلى 55 في المئة.

الخبر الإيجابي عند ترامب هو أن الجمهوريين المُستطلَعين لم تتغير مواقفهم بشكل فارق من كل سياساته الداخلية والخارجية. لكن الضغط في موضوع الحرب يأتيه من حيث لم يكن يتوقع، أي من “ماغا”.

ففي سابقة “تاريخية” التقت عميدة متشددي الحركة الترامبية النائبة مارجوري تايلور غرين مع بيرني، شيخ اليسار الأميركي، في إدانة الحرب الإسرائيلية، واصفة ما يحدث في غزة بـ”الإبادة الجماعية والمجاعة والمأساة الإنسانية التي لا تقل فظاعة عن هجوم 7 أكتوبر”. تصريحها هو الأول من نوعه في المعسكر الجمهوري المتماسك على دعم إسرائيل منذ اليوم الأول للحرب والذي لم يتزحزح وصولاً إلى الأربعاء الفائت. مشروع القانونين اللذين تقدم بهما ساندرز إلى مجلس الشيوخ لإيقاف شحنات عسكرية لإسرائيل بقيمة أكثر من 600 مليون دولار، لم يجد أي سيناتور جمهوري يصوّت معه. في المقابل، اقترع 27 ديموقراطياً مع المشروع ليكونوا غالبية بين الديموقراطيين، لأول مرة منذ الحرب على غزة. لم ينفع الأمر مع ذلك وسقط المنع بـ76 مقابل 27.

هذه الضغوط، خارجية وداخلية، لم تصل إلى مرحلة ليّ ذراع ترامب ودفعه إلى فرض وقف إطلاق نار على إسرائيل، لكن الإيمان هو لفت انتباهه إلى حجم الكارثة التي تكبر كل يوم، وأن تكون صور الأطفال أثرت فيه بما يكفي لتكذيب صديقه، والاعتراف بالمجاعة، والتحرك السريع لمنع تفاقم هذه المأساة إلى أسوأ مما هي عليه الآن.