الاعتراف الدولي بفلسطين: تقدم مهم لكنه غير مكتمل… وموضوع حساس قد يعقد الحلول.

الاعتراف الدولي المتزايد بدولة فلسطين، الذي حصل خلال “إعلان نيويورك”، خطوة سياسية متقدّمة. فاعتراف دول مثل فرنسا، بدفع سعودي، وتلويح بريطانيا بخطوة مماثلة، يعكس تبدّلاً جزئياً في المواقف الدولية. لكن هذه الاعترافات تبقى ناقصة من دون ضغط حقيقي على إسرائيل للالتزام بـ”حل الدولتين”، وخاصة من قبل دول مؤثرة مثل الولايات المتحدة، التي ما زالت ترفض الانخراط الجدي في أي مسار يلزم إسرائيل بالتوجّه نحو الحلول أو حتى وقف الحرب.
من جهته، يثمّن مصطفى البرغوثي، الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، خلال حديث لـ”النهار” الاعتراف الدولي بفلسطين، معتبراً إياه “تأكيداً لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، ومعارضةً للإجراءات الإسرائيلية غير القانونية لجهة عمليات الاستيطان والتهويد التي إما يقرها الكنيست أو تقوم بها إسرائيل” من خلال الممارسة.
لكن هذه الإجراءات “غير كافية” بتقديره، لأنها “لا تعالج اختلال” ميزان القوى و”تمرّد” إسرائيل على المجتمع الدولي، ولأنها لا تتمتع بدعم أميركي في ظل رفض الولايات المتحدة التي “تخضع بالكامل للمصالح الإسرائيلية” المشاركة في المؤتمر، ويشدّد على أن المطلوب ترافق الاعتراف مع “فرض عقوبات” على إسرائيل لوقف الحرب.
إلّا أن “إعلان نيويورك” الذي نصّ على بنود عديدة تؤسس لدولة فلسطينية، يتضمن أيضاً بنوداً “مفخّخة”، أبرزها تسليم حركة “حماس” سلاحها للدولة الفلسطينية المرتقبة. ورغم أن هذا البند يُعتبر أساسياً لتحقيق الاستقرار وبناء دولة فلسطينية موحّدة، إلا أنه في الوقت نفسه يثير خلافات عميقة، قد تُستغل لتعطيل المسار السياسي برمّته من قبل أطراف فلسطينية وإسرائيلية.
دبابة إسرائيلية عند حدود غزّة (أ ف ب).
فحركة “حماس”، التي شكّل السلاح ركيزة في هويتها السياسية والعسكرية، من غير المرجّح أن تستجيب لهذا الطرح، لا سيما في ظل الانقسام الفلسطيني القائم بينها وبين السلطة الفلسطينية. كما أن إسرائيل، التي ترفض عمليًا حلّ الدولتين وتواصل تصعيدها في غزة والضفة، قد توظف هذا البند لتبرير مواصلة هجماتها وإفشال أي تقدّم سياسي.
ويرى الباحث مراد حرفوش في حديث لـ”النهار” أن تسليم الفصائل الفلسطينية سلاحها لن يتم قبل قيام دولة فلسطينية كاملة السيادة والعضوية في الأمم المتحدة، وبعد حوار وطني شامل وترتيبات استراتيجية داخلية. ورأت “حماس” أن “انحرافاً خطيراً” شاب الإعلان في بعض مضامينه، لا سيما ما يتعلق بمطالبة نزع السلاح.
وتزداد تعقيدات هذا الملف مع استمرار الحرب الإسرائيلية في غزة، إذ يرى حرفوش أن لا حديث عن تسليم السلاح في ظل ما وصفه بـ”حرب الإبادة الجماعية”. كما أن تجربة لبنان في ملف سلاح “حزب الله” أظهرت صعوبة تحديد آليات دقيقة للتسليم، من حيث النوعية والجدولة الزمنية، ما يعكس تحدياً مضاعفاً في الحالة الفلسطينية، خاصة مع إشكالية ضعف السلطة.