كيف تتفق إسرائيل و’حماس’ على رفض حل الدولتين؟

كيف تتفق إسرائيل و’حماس’ على رفض حل الدولتين؟

منذ انهيار اتفاقيتي أوسلو سنة 1995، سلك حل الدولتين مساراً تنازلياً حتى قال البعض إنه قد فارق الحياة. بعد 7 أكتوبر، لا يبدو الوضع أفضل، بالرغم من أن الحل يعاود اكتساب زخم دولي جديد مع “إعلان نيويورك”. فحركتا “حماس” والحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو تتلاقيان عند نقطة وحيدة تتمثل في رفض هكذا أفق.

 

العقيدة نفسها

منذ تأسيسها سنة 1987، تعهدت “حماس” القضاء على إسرائيل وقد تبنت “الجهاد” لتحقيق هدفها، وبالتالي، رفضت أيضاً اتفاقيتي أوسلو. “لا حل للقضية الفلسطينية إلا بالجهاد، أما المبادرات والطروحات والمؤتمرات الدولية فمضيعة للوقت، وعبث من العبث. والشعب الفلسطيني أكرم من أن يعبث بمستقبله وحقه ومصيره”، على ما جاء في المادة 13 من ميثاق التأسيس.

 

وذكرت “حماس” في وثيقتها الأحدث سنة 2017 أن “لا بديل عن تحرير فلسطين تحريراً كاملاً، من نهرها إلى بحرها”، وأن طرد الشعب الفلسطيني من أرضه “لا ينشئ أي حق للكيان الصهيوني الغاصب فيها”. لكن الوثيقة أضافت – وفي شيء من الليونة المرحلية – أنه “ومع ذلك، وبما لا يعني إطلاقاً الاعتراف بالكيان الصهيوني، ولا التنازل عن أي من الحقوق الفلسطينية – فإن حماس تعتبر أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة، وعاصمتها القدس، على خطوط الرابع من حزيران/يونيو 1967، مع عودة اللاجئين والنازحين إلى منازلهم التي أخرجوا منها، هي صيغة توافقية وطنية مشتركة”.

 

مقاتلون من حماس (أ ب)

 

وفي مقابلة مع “أسوشيتد برس” السنة الماضية، أعلن القيادي البارز في الحركة خليل الحية أن “حماس” مستعدة للموافقة على هدنة لمدة خمس سنوات أو أكثر مع إسرائيل والتخلي عن جناحها العسكري والتحول إلى حزب سياسي إذا أقيمت دولة فلسطينية سيدة ومستقلة على حدود 1967. لكن بحسب الوكالة، لم يكن الحية واضحاً بخصوص ما إذا كان ذلك سيمثل نهاية للصراع أو خطوة موقتة نحو الهدف الأساسي للحركة.

 

وكان مسؤولون في “حماس” أكثر تشدداً في الأسابيع الأولى التي تلت هجوم 7 أكتوبر، وكرروا تهديدهم بإزالة إسرائيل من الوجود، كما فعل غازي حمد حين تعهد بشن هجمات إضافية حتى تحقيق هذا الهدف. كذلك، رفض الرئيس السابق للمكتب السياسي للحركة خالد مشعل حل الدولتين في كانون الثاني/يناير 2024.

 

“سنصل إليه”

على الضفة الأخرى، واصلت الحكومات الإسرائيلية اليمينية حتى الحديث عن منح الفلسطينيين حق إقامة دولتهم. وراح هذا المنحى يزداد تشدداً مع انزياح إسرائيلي أكبر نحو اليمين المتطرف. شدد نتنياهو على أنه حتى مع نزع سلاح “حماس” بالكامل ونفي قادتها، يجب أن تحافظ إسرائيل على السيطرة الأمنية على غزة والضفة الغربية إلى أجل غير مسمى. وأقر نتنياهو في أيار/مايو بأن جيشه “يدمر المزيد والمزيد من المنازل وليس لديهم (الفلسطينيين) مكان يعودون إليه” مضيفاً أن “النتيجة الحتمية الوحيدة هي رغبة أهل غزة بالهجرة إلى خارج قطاع غزة”.

 

يعتقد البعض أن سياسات نتنياهو واقعية، وسلطوية، أكثر من كونها عقيدية. شركاؤه في الحكومة يقدمون نسخة معاكسة، أقله على المستوى الآيديولوجي. سنة 2007، دانت محكمة إسرائيلية وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير (حزب عوتسما يهوديت) بالعنصرية ودعم منظمة إرهابية. بن غفير نفسه كان قد ظهر في الاحتجاجات المناهضة لأوسلو سنة 1995 وهو يحمل شارة سيارة رئيس الحكومة آنذاك إسحق رابين. وفي تهديد واضح، قال: “كما وصلنا إلى هذه الشارة، سنصل إليه أيضاً”. اغتيل رابين بعد أسابيع قليلة من التهديد.

 

بن غفير (أ ب)

بن غفير (أ ب)

 

ودعا وزير المالية بتسلئيل سموتريتش (الحزب الصهيوني-الديني) إلى الفصل بين اليهود والعرب في أقسام الولادة داخل المستشفيات الإسرائيلية ووصف النواب العرب في الكنيست بأنهم “أعداء” دخلوا الندوة “عن طريق الخطأ”. حتى وزير الاتصالات عن “الليكود” شلومو كرعي دعا أيضاً إلى فرض الاستيطان في غزة. عملياً، وفي قضية حل الدولتين، بات اليمين واليمين الإسرائيلي متماهيين إلى حد بعيد. في نهاية المطاف، ثمة سبب لرفض نتنياهو كل شريك فلسطيني لعملية السلام بما في ذلك السلطة الفلسطينية. حديثه عن أنه لن يقبل بـ “حماسستان” و”فتحستان” يلخص الكثير من تصوراته.