ثنائية ترامب وهالك هوغن: علاقة غنية بالرمزيات

ثنائية ترامب وهالك هوغن: علاقة غنية بالرمزيات

رحل أخيراً أحد رموز أميركا، بطل المصارعة الحرة الترفيهية هالك هوغن. كان هوغن مصارعاً مشهوراً جداً داخل الولايات المتحدة وفي كل انحاء العالم، ويعرفه الجمهور العربي جيداً ويعلق شبان كثر صوره في غرف نومهم. وعندما كان هوغن يمثل حلماً لكل المفتونين بالقوة والجسد المفتولة عضلاته في ثمانينيات القرن الماضي وتسعينياته، وحتى بداية الألفية الثالثة كان هناك رجل آخر يشبهه يصعد في سلم الأعمال والاستعراض والترفيه، وكان على تماس مع عالم المصارعة الاستعراضية، لكن كـ”كومبارس” وليس كبطل على الحلبة، رغم ان بنيته الجسدية كانت توحي بالقوة، كان ذلك دونالد ترامب.
يتشابه الرجلان كثيراً في الشكل والرمزية، لم يكونا صديقين لكنهما أصبحا قريبين من بعضهما بعضاً لاحقاً عندما أقلع هوغن عن تأييد باراك أوباما والتحق بمعسكر شبيهه الأشقر دونالد ترامب في الانتخابات الأخيرة وأصبح خطيباً في مهرجانات الحزب الجمهوري الذي أصبح ألعوبة بين يدي ترامب ومطية للوصول إلى رئاسة الولايات المتحدة مرتين. كان هوغن قوياً جداً وأشقر جداً وخفيف الشعر (مثل ترامب) ويربح في معظم معاركه، لكنه كان يبالغ في الاستعراض والتمثيل، وهكذا هو ترامب. 
يلتقي ترامب وهوغن في كثير من الصفات وفي السلوك وفي القوة التمثيلية. فهما يرمزان إلى القوة والشعبية والاستغلال الكبير للإعلام. كلاهما يدرك قوة الصورة وتأثيرها ويجيدان استخدامها إلى أقصى الحدود. لقد تماهى ترامب مع قوة هوغن واستعار قدرته على التلاعب بعواطف الجمهور وأعصابه. كان هوغن يقوم من تحت الرماد لينتصب كالمارد ويوجه الضربات الحاسمة لخصومه. كان الجميع يعرفون أن ذلك كان مجرد تمثيل متفق عليه، لكنهم كانوا يصدقونه، كانوا يبحثون عن بطل خارق لا يهزم، وإذا هزم مرة فإنه سينتصر في النزال اللاحق بلا شك وسينتقم من “أعدائه” ويحطمهم. ألم يفعل ترامب الشيء نفسه؟
دخل ترامب عالم المصارعة، ليس كمصارع، بل كمستثمر في الشعبية الجارفة للمصارعة الحرة وللمصارعين وفي طليعتهم هالك هوغن. تماهى مع عالم القوة و”الأكشن” والاستعراض ورجاله. في المقابل استفاد هوغن من صعود ترامب لمواجهة أزمة اتهامه بالعنصرية عام 2015.
كان ترامب -وما زال- يطل كمصارع مقاتل- لا يقتله الرصاص ولا يخيفه، يرفع يده عاليا كما كان هوغن يرفع سبابته عندما يضيق عليه خصمه الخناق وينتفض من تحت ثقل خصم أو اثنين او ثلاثة أحياناً ليوجه لكمته الشهيرة أو يدفع خصمه بقدمه المرفوعة.
يمثل الرجلان بعمق الثقافة الأميركية الحديثة القائمة على الاستعراض لا على البرامج وعلى اللعب على وتر عواطف الجمهور لا على عقله. 
تبادل الرجلان الخدمات، وكان هوغن نجماً في مؤتمر الحزب الجمهوري قبل الانتخابات الأخيرة، وعكست تغريدة ترامب بعد إعلان خبر وفاته عمق الصلة بين الرجلين ومدى تأثير هوغن في الحملة الانتخابة لترامب، وكذلك رمزيته المؤثرة في السياسية الاميركية. كتب ترامب:””كان رمزاً لشعار لنجعل اميركا عظيمة مجدداً بكل معنى الكلمة، قوياً، صلباً، ذكياً، صاحب قلب كبير”. ومثله فعل نائبه جيه دي فانس. وفي الواقع كان ترامب يتحدث عن نفسه وصفاته الشخصية في تماه كامل مع شخصية البطل الراحل والمحبوب.
عالم الرياضة والترفيه في الولايات المتحدة دخل بشكل كثيف في السياسة عبر ترامب، لقد قلب الرئيس الأميركي كل المعادلات التي كانت قائمة قبله، حول الاستعراض إلى قوة جذب للشباب واستخدم الإعلام والرموز بشكل فعال. كانت صورة هالك هوغن المنتصر دائماً صاحب الشعبية الجارفة هي صورة ترامب.