سهام الشعشاع في “بودكاست مع نايلة”: الحياة كالشعر… والقصيدة مصدر الراحة

في حلقة جديدة من “بودكاست مع نايلة”، حلّت الشاعرة سهام الشعشاع ضيفة على نايلة تويني، لتطلق العنان لمكنونات قلبها في حوار وصفته بـ”السلس”، كاشفةً عن تفاصيل حياتها الشخصية والمهنية، ومؤكدةً أن الشعر لم يكن يوماً خياراً سهلاً، بل مسيرة دفعت ثمنها غالياً.
وُلدت سهام في منطقة بتغرين الجبلية في لبنان، من أبوين سوريين من السويداء، وقد سكنوا بتغرين واندمجوا في طقوسها ومناسباتها الاجتماعية والدينية. غير أن اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية أعاد العائلة إلى سوريا، وهناك بدأت سهام تواجه بيئة جديدة غريبة عنها. في تلك المرحلة وُلدت أولى قصائدها المؤلمة، ومنها قصيدة “على هامش الموت”، التي عبّرت فيها عن فقدانها للمكان الأول الذي أحبّته وعاشت فيه طفولتها.
تُوفي والدها وهي لا تزال صغيرة، ولم تكن تدرك أن ما كانت تكتبه حينها كان شعراً. كتبت أول قصيدة لها في لحظة حزن، وهي اليوم تصرّ على أن الكتابة لا تخرج منها إلا في الحزن، إذ ترى أن “الألم هو الوقود الأساسي للإبداع، بينما السعادة تغري الإنسان ليعيشها، لا ليكتب عنها”. وتشبّه الكتابة بالعزاء، حيث يخفّف الإنسان وجعه بمشاركة الآخرين في حزنه. “قصائدي هي مجموعة القصص التي أسمعها”، تقول سهام، مؤكّدة أن الحزن المحيط بها – من الوضع في السويداء، إلى أهلها وأخبار سوريا ولبنان – يشكل جزءاً كبيراً من دوافعها الشعرية.
حياة سهام ليست سهلة، فقد عملت في عمر الرابعة عشرة لمساعدة والدتها وإخوتها، وعاشت عاماً في بيت اليتيم مع إخوتها الأصغر سناً، حيث شعرت كأنها اقتُلعت من حضنها الدافئ. كانت تهرب كثيراً، ولم تحتمل الغربة بعيداً عن بيتها. ومع ذلك، تعتقد أن “كل هذا الوجع يصنع الإنسان”، وأن “في داخل كل شخص شاعراً”، لكن ليس الجميع يمتلك القدرة أو الفرصة للتعبير.
التقت بالكاتب أنسي الحاج في جريدة “النهار”، وهناك ازداد وعيها الأدبي. ورغم أن دراستها للغة العربية في الجامعة أضعفت علاقتها بها، بسبب أسلوب المناهج، ترى اليوم ضرورة إعادة برمجة مناهج اللغة العربية ليحبّها التلاميذ، ويشعروا بها كلغة حياة لا مادة جامدة.
تشكو سهام الشعشاع من الواقع الثقافي المتدهور في عصر السوشال ميديا، حيث يُقاس الشاعر بعدد اللايكات، بينما يُهمَّش الإبداع الحقيقي. وتقول: “في زمن يُباع فيه الأمل المجاني وتُصنع الأخبار الكاذبة، يجب أن ننتصر للثقافة التي تكرّم الجمال على البشاعة، والحياة على الموت، والسلام على الحرب”. وتدعو إلى التسامح والانفتاح، وفتح القلوب لسماع الآخر.
عن الذكاء الاصطناعي، تقول سهام صراحة: “ChatGPT شاعر فاشل”. فالقصيدة ليست تركيب كلمات، بل إحساس صادق، والآلة لا تملك روحاً ولا قلباً. والشعر، كما تقول، لا يُكتب بالعقل، بل بالحدس والوجدان. عندما يتدخّل العقل، تتحوّل القصيدة إلى فلسفة أو معادلة رياضية، لا إلى نصّ نابض.