هل ستقوم ‘حماس’ بتسليم أسلحتها وفقاً لـ ‘إعلان نيويورك’؟

لم يكن مفاجئاً “إعلان نيويورك” الذي صدر عن فرنسا والسعودية وأيّدته 15 دولة، وطلب من حركة “حماس” تسليم سلاحها للدولة الفلسطينية، كخطوة أساسية ضمن سلسلة خطوات وجب تطبيقها من قبل الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي للتوجّه نحو “حل الدولتين”. وبقدر ما هي نقطة مطلوبة لتحقيق عوامل الحل، هي نقطة خلافية سيستفيد منها كل طرف يريد عرقلة مسار الحل السلمي.
البند، وعلى أهميته، من غير المرجّح أن توافق عليه “حماس” وتشرع لتنفيذه في ظل الانقسام الفلسطيني الحاد بينها وبين السلطة ومن خلفها حركة “فتح”، وكونه شكّل هويتها ومسارها السياسي الذي قد ينحسر أو يتغير شكله مع تسليم السلاح، ثم إن إسرائيل التي لا تريد “حل الدولتين” قد تصعّد ضد الحركة لتطيير بند تسليم السلاح وخربطة مسار “إعلان نيويورك”.
الباحث والكاتب السياسي مراد حرفوش يستبعد تسليم الفصائل الفلسطينية، وبينها “حماس”، سلاحها إلى السلطة قبل “تشكيل” دولة فلسطينية “كاملة السيادة والعضوية” في الأمم المتحدة. وبتقديره، هذا المطلب “سيلقى رفضاً” من قبل الفصائل وحتى بيئاتها الشعبية في ظل التباينات على الساحة الفلسطينية، إلى حين الشروع بحوار وطني داخلي وتحت مروحة ترتيبات استراتيجية داخلية.
إلّا أن عاملاً آخر يؤدي دوراً محورياً في هذا السياق، وهو الحرب الإسرائيلية في غزّة، كون استمرارها من المفترض أن يعني حكماً رفض الحركة لتسليم السلاح خلال مراحل المعارك والاشتباكات. وبالتالي، يرى مراد في حديث لـ”النهار” إنه لن يكون ثمّة حديث عن تسليم السلاح قبل توقف حرب “الإبادة الجماعية” في غزّة.
إلى ذلك، فإن تسليم السلاح يحتاج إلى آلية متفق عليها تتضمن معلومات دقيقة عن السلاح وجدولاً زمنياً لتسليمه، وهذه التحديات قد برزت في لبنان مع إشكالية تسليم “حزب الله” سلاحه. وفي الملف الفلسطيني، فإن إشكالية السلطة تضيف تحدياً جديداً. وفي هذا الإطار، يشدّد حرفوش على أهمية الاتفاق على جدول زمني للإعلان عن دولة فلسطينية ثم الشروع نحو مسألة تسليم السلاح.
قمة نيويورك (أ ف ب).
ويتطرق حرفوش إلى العامل الإسرائيلي والموقف من “حلّ الدولتين”، وبتقديره، فإن إسرائيل المستمرة في هجماتها بالضفة الغربية وغزة لا تريد الاعتراف بأي كيان فلسطيني، وهي “تقوّض دور السلطة الفلسطينية” ومعها “حل الدولتين”، وبالتالي الأولوية لوقف المسار الإسرائيلي الدموي.
إلى ذلك، ثمّة سؤال عن سلاح حركة “حماس” بعد الحرب التي دمّرت المخازن وقطعت سلاسل الإمداد. ووفق التقديرات، فإن الحركة خسرت مجمل قدراتها الصاروخية وسلاحها يقتصر على الأسلحة المتوسطة والخفيفة. ويقول حرفوش إن لا مخازن وأسلحة ثقيلة بحوزة “حماس”، بل أسلحة رشاشة وعبوات متفجرة مصنّعة محلياً.
في المحصلة، فإن بند تسليم “حماس” لسلاحها قد يفجّر مسار الحل السلمي وتتخذه الأطراف الرافضة له، لحسابات سياسية فئوية فلسطينية وإسرائيلية، ذريعة لإفشال “حل الدولتين”، الذي كان الحل الأمثل لإنهاء الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، بانتظار موقف الحركة من هذا البند والإعلان بشكل عام، والذي قد يخدمها لجهة إنهاء الحرب.