كيف يمكن أن يستجيب بوتين لتهديدات ترامب؟

كيف يمكن أن يستجيب بوتين لتهديدات ترامب؟

يدرك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن نظيره الأميركي دونالد ترامب لا يتلقى “الخداع” بروح رياضية. بذل ترامب كل ما بوسعه لإخضاع أوكرانيا ودفعها إلى طاولة الحوار، لكن جهده قوبل بازدراء روسي واضح. الآن، بعد خفضه للمهلة الزمنية الممنوحة لروسيا كي توقف الحرب، تحت تهديد بفرض عقوبات قاسية على شركائها التجاريين، أي خيارات أمام بوتين؟

 

المزيد من القديم

على المدى القريب، ليس أمام الكرملين إلا امتحان نوايا البيت الأبيض. من جهة، سيعد وقف إطلاق النار من قبل روسيا إظهاراً واضحاً للخوف من الأميركيين. كذلك، لا يزال ثمة احتمال لتراجع ترامب عن تهديده بعد الموعد النهائي. جس النبض الأميركي بحلول 10 آب/أغسطس تقريباً سيكون أفضل خيار أمام الروس.

 

فالتهديد نفسه أكبر من أن ينفذه ترامب بسهولة. إن فرض عقوبات على مشتري النفط من روسيا، وفي مقدمتهم الهند والصين، سينعكس سلباً على الاقتصاد العالمي، ومن ضمنه الاقتصاد الأميركي. ربما تتراجع الهند عن شراء النفط الروسي (خصوصاً بعد الرسوم الجمركية الأخيرة)، وثمة تقارير عن دراستها لبدائل الطاقة الروسية. مع الصين، سيكون الوضع أصعب بما أنها أكبر مستهلك للنفط الروسي وثاني أكبر اقتصاد عالمي. لمعرفة مدى حجم تهديد الرئيس الأميركي، ذكرت “سي إن إن” أن تنفيذ ترامب وعيده سيكون أكبر من أي إجراء ضد روسيا أقدم عليه سلفه جو بايدن.

 

مع ذلك، وحتى في ظل السيناريو الأسوأ لروسيا، وعلى افتراض أن روسيا لن تستطيع التهرب من العقوبات الأميركية، سيستغرق الأمر بعض الوقت ليشعر الروس بتداعيات الإجراءات الجديدة على آلتهم العسكرية. يحتاج بوتين إلى هذا الوقت لإحكام قبضته على ما تبقى من المناطق الأربع التي يسيطر بنحو 75 في المئة على ثلاث منها. لكن السباق مع الزمن صعب جداً، بحسب المسؤولين الروس.

 

تصدعات

حذر وزير التنمية الاقتصادية مكسيم رشتنيكوف من أن البلاد “على مشارف” الركود. حاكمة البنك المركزي الروسي إلفيرا نابيولينا قالت إنه تم تحقيق نمو لعامين بوتيرة مرتفعة نسبياً بسبب تفعيل موارد غير مستثمرة. وأضافت: “علينا فهم أنه تم استنفاد الكثير من تلك الموارد”. لم يأتِ كلام المسؤولين في بيان أو مقابلة إعلامية محلية، بل في منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي، أو المنتدى الذي يصفه البعض بأنه “دافوس روسيا”.

 

بوتين (أ ب)

 

ويظهر أن قطاع الصلب الروسي، وهو قطاع أساسي للتصنيع العسكري، قد يشهد هذه السنة تراجعاً حاداً في الإنتاج يصل إلى 10 في المئة بحسب ألكسندر شيفيليف، الرئيس التنفيذي لـ “سيفيرستال بي.جي.إس.سي”، وهي واحدة من أبرز الشركات الروسية في هذا المجال.

 

وسجلت روسيا منتصف هذه السنة عجزاً قياسياً بلغ أكثر من 45 مليار دولار بعد ارتفاع في الإنفاق بنسبة 20 في المئة خلال الأشهر الست الأولى.

 

بطبيعة الحال، لا أحد يقترح انهياراً للاقتصاد الروسي في المدى المنظور. على العكس، ذكر “مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية” ومقره واشنطن أن روسيا قادرة على استدامة حربها حتى 2027 على الأقل. مع ذلك، في جعبة الكونغرس إجراءات أقسى من تلك التي يلوح بها ترامب.

 

بالحد الأدنى، من المتوقع ألا تتراجع روسيا عن حربها قبل الخريف المقبل، تحت أي ضغط أميركي. لكن بالتأكيد، سيفرض أي انقلاب كبير في موقف ترامب حيال موسكو إجراء حسابات جديدة في الكرملين. قد تكون تلك الحسابات هي الأصعب منذ انطلاق الحرب.