مشكلة ‘الفتاوى غير التقليدية’ في مصر: لماذا persists على الرغم من وجود قانون منظم?

مشكلة ‘الفتاوى غير التقليدية’ في مصر: لماذا persists على الرغم من وجود قانون منظم?

في حزيران/يونيو الماضي، صدر قانون ينظم إصدار الفتاوى الشرعية في مصر، حمل الرقم 86 لسنة 2025، وجاء استجابة لما وُصف بأنها فوضى “الفتاوى الشاذة”. ورغم أن القانون حدّد بدقة ماهية الفتوى، وأنواعها، والجهات المخوّلة إصدارها، إلا أن الأزمة لا تزال مستمرة، والسجالات تتجدد بين الحين والآخر، مخلفةً ضجيجاً مدوياً في المجتمع المصري.
ومن آخر تلك “الفتاوى الشاذة”، ما نُسب إلى الدكتورة سعاد صالح، الأستاذة ورئيسة قسم الفقه المقارن في كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات في جامعة الأزهر، من أنها “أحلت شرب الحشيش”، إثر تصريح لها بأنه “لا يوجد نص شرعي يُحرّم الحشيش صراحةً”. وقد قررت جامعة الأزهر إيقافها عن العمل لمدة ثلاثة أشهر، على خلفية هذه التصريحات التي أدلت بها خلال مشاركتها في بودكاست تقدّمه الإعلامية إيمان طالب.

 

مدرسة الإفتاء
يرى السياسي والبرلماني المصري السابق محمد أبو حامد أن الدراسة في الأزهر لا تكفي وحدها للتأهل للإفتاء. ويقول في تصريح لـ”النهار”: “في البرلمان السابق (2021/2022)، ناقشنا مشروع قانون لإعادة تنظيم دار الإفتاء، وقد عارض الأزهر صدوره حينذاك، رغم أن المشروع كان يقترح تأسيس مدرسة متخصصة لتعليم الإفتاء”.
ويضيف: “الإفتاء صنعة قائمة في ذاتها. فعلى سبيل المثال، هناك نصوص شرعية تُحرِّم كل مُسكِر، وليس الخمر فقط، لأن العلة تكمن في تغييب العقل وما قد يترتب على ذلك من ضرر للنفس أو للآخرين. هذا من البديهيات، لكن ليس كل خريج من الأزهر يدركه أو يستوعبه”.
ويقترح أن “يضع الأزهر ودار الإفتاء آلية واضحة لتأهيل من يتصدى للفتوى، حتى لا نظل نشهد بين الحين والآخر صدور فتاوى شاذة، يتبعها جدل، ثم عقوبة تطاول صاحبها”.

المستفتي والمفتي
ينظر أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة ماربورغ الألمانية الدكتور عاصم حفني  إلى أزمة “الفتاوى الشاذة” من زاوية مختلفة، بصفتها نتيجةً لعاملين مترابطين: المستفتي (السائل) والمفتي (المجيب).
ويقول حفني لـ”النهار”: “الفتوى تأتي استجابةً لسؤال من المستفتي. وتنتشر الفتاوى غير المنطقية أو غير العقلانية، أو ما يُطلق عليها ‘الفتاوى الشاذة’، بسبب غياب العقل والمنطق في بنية المجتمع، وهو ما يعكس تراجع المستوى التعليمي والفكري”.
ويضيف: “الرغبة في كبح جماح هذه الفتاوى دفعت السلطات إلى محاولة منعها أو تنظيمها عبر القانون، وهو ما قد يكون حلاً موقتاً للمظهر، لا للجوهر. فآثار هذه المقاربة قد تكون أكثر ضرراً من نفعها”.
ويشير إلى أن “الفتوى ليست ملزمة، بل هي رأي اجتهادي. والتعامل معها كأنها حكم مقدّس يضفي عليها من القداسة ما لا تستحقه”.

الحل الجذري
ويرى أن الحل الحقيقي البعيد المدى يكمن في إصلاح التعليم وإدراج مناهج تعزّز التفكير النقدي. ويقول: “علينا إيصال الناس إلى مرحلة لا يحتاجون فيها إلى فتاوى في كل تفصيل من حياتهم. فمثلاً، لا يحتاج إنسان عاقل إلى فتوى ليدرك أن الحشيش مضر صحياً واقتصادياً”.
ويختم: “لكن هذا الحل الجذري لا يبدو ممكناً في المدى القريب، في ظل التدهور المستمر في التعليم، واستمرار الاعتماد على الحفظ والتلقين، وغياب حرية الفكر سياسياً واقتصادياً. إنها منظومة مترابطة، يعزز بعضها بعضاً”.