بعد قرار الكويت بحظر ‘حزب الله’ و’القرض الحسن’: هل ستتزايد الضغوط في الخليج نحو فرض مزيد من العقوبات؟

في خطوة لافتة تحمل أبعادًا سياسية وأمنية، أصدرت السلطات الكويتية قرارًا بإدراج “حزب الله” اللبناني ومؤسسة “القرض الحسن” التابعة له في قوائم الكيانات الإرهابية المحظورة. ورغم أن القرار لم يكن مفاجئًا في توقيته، إلا أن دلالاته العميقة تتجاوز البعد الإجرائي المحلي، لتفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التعامل الخليجي ولا سيما الكويتي مع الحزب، وسط مشهد إقليمي متغير وضغط دولي متزايد على محاور النفوذ الإيراني.
من حيث الشكل، يتموضع قرار الكويت في سياق واضح من الانسجام مع الموقف الخليجي الأوسع، لا سيما السعودي والإماراتي، تجاه “حزب الله”. فالدول الخليجية كانت قد صنفت الحزب تنظيما إرهابيا منذ سنوات، وأوقفت كل أشكال الدعم أو التساهل مع مؤسساته وشبكاته، خصوصًا في المجالات المالية والعقارية والتجارية.
لكن ما يميز الخطوة الكويتية هذه المرة، هو أنها تأتي بعد فترة من التمايز النسبي في السياسات، حيث كانت الكويت تُعرف تاريخيًا بدورها الوسيط أو الحذر في الانخراط في سياسات المواجهة المباشرة. وعليه، فإن هذا القرار يشكّل تحولاً نوعيًا في مقاربة الكويت للنفوذ الإيراني وأذرعه في المنطقة، وتحديدًا في لبنان.
استهداف مباشر لـ”القرض الحسن”
لا يقلّ استهداف مؤسسة “القرض الحسن” أهمية عن إدراج الحزب نفسه، بل ربما هو البند الأخطر في القرار الكويتي. فهذه المؤسسة التي تُقدّم نفسها كجهة “اجتماعية – مالية”، لطالما شكّلت الذراع التمويلية غير الرسمية لحزب الله، وهي مشمولة بالعقوبات الأميركية منذ سنوات. وتاليا، فإن إدراجها في قائمة الحظر يعني تشديد الرقابة على أي تحويلات مالية يشتبه في ارتباطها بها، سواء من أفراد، جمعيات، أو شركات لبنانية تتعامل مع السوق الكويتية. كما قد يؤدي ذلك إلى تضييق الخناق على شبكات تبرعات أو استثمارات غير مباشرة تمر عبر بيئات المغتربين اللبنانيين في الخليج.
من غير المستبعد أن تكون هذه الخطوة بداية “تدحرج كروي” في السياسات الخليجية تجاه الحزب، بمعنى تكثيف الإجراءات العقابية ضده.
مصادر متابعة للملف لم تستبعد، في حديث إلى “النهار”، أن تقوم دول خليجية أخرى بإجراءات مماثلة خلال الأشهر المقبلة، لا سيما إذا استمرت المواجهة بين الحزب وإسرائيل على الجبهة الجنوبية، أو إذا استأنف الحزب نشاطات إقليمية تُعتبر تهديدًا لأمن الدول الخليجية.
وتقول المصادر: “نحن أمام مرحلة إعادة تنظيم للمشهد الأمني في الخليج، وكل ما يمس استقراره سيواجه بحزم، سواء عبر المقاطعة أو عبر الضغط السياسي على الدولة اللبنانية”.
داخليًا، يحمل القرار الكويتي مجموعة من الرسائل:
أولاً، هو تحذير للحكومة اللبنانية من مغبة استمرار تغطية سلاح الحزب وتدخلاته، من دون أي محاولة لكبح نشاطه الإقليمي.
ثانيًا، هو ضغط على حلفاء الحزب في الداخل، لإعادة النظر في الخطاب السياسي الذي يغضّ النظر عن تورطه في صراعات الإقليم.
ثالثًا، هو تذكير للمغتربين اللبنانيين، لا سيما في الكويت والخليج، بأن أي ارتباط مالي أو تنظيمي بالحزب قد يعرّضهم لعقوبات أو ملاحقات.
في هذا السياق، يخشى بعض المراقبين أن تؤدي هذه السياسات إلى تضييق فعلي على الجالية اللبنانية، وقد يكون ذلك أحد الضغوط المقصودة لدفع الداخل اللبناني نحو حسم موقفه من الحزب، وسلاحه، ومشروعه الإقليمي.
وفي الخلاصة، لا يُقرأ قرار الكويت بمعزل عن التوجه الدولي والعربي العام لتقليص نفوذ الأذرع الإيرانية في المنطقة. وما كان حتى الأمس القريب “أمرًا حساسًا” في السياسة الكويتية، أصبح اليوم جزءًا من سياسة واضحة تُعبّر عن نفاد الصبر من سياسات “حزب الله”، ورفض تام لتحويل لبنان إلى منصة صراع بالوكالة.