فرصة المليار دولار: ما الذي يجعل الشركات الناشئة تتجه نحو السعودية؟

من المتوقع أن تشهد صفقات رأس المال الاستثماري في المملكة العربية السعودية ارتفاعاً كبيراً في عام 2025، وقد تتضاعف بمعدل عشرة أضعاف بحلول نهاية العقد، مع بروز المملكة كأسرع سوق نمواً في الشرق الأوسط.
وتتجه قيمة الصفقات الموقعة إلى تجاوز حاجز المليار دولار للمرة الأولى هذا العام، وهناك توقعات متزايدة بأن تصل إلى 10 مليارات دولار بحلول عام 2030.
ويشير المستثمرون إلى انتقال عدد من الشركات الناشئة من دول مجاورة مثل مصر ولبنان إلى السعودية بحثاً عن سوق أكثر استقراراً ووصول أسهل إلى رأس المال. كما بدأت شركات من دول الخليج الأخرى التوسع داخل السعودية بشكل متزايد، سعياً وراء فرصة للنمو في أكبر اقتصاد في المنطقة.
وقال الشريك المؤسس لمنصة Multiples لتحليل بيانات تقييم رأس المال الاستثماري أولِك سكوارشيك: “ربما تكون السعودية واحدة من الدول القليلة في العالم التي يمكنك فيها أن ترى النمو بشكل واضح. إنها مكان رائع للبناء. يمكنك أن تلاحظ التغيرات بشكل شهري تقريباً”.
وخلال النصف الأول من عام 2025، تم تسجيل صفقات قياسية بلغت قيمتها 860 مليون دولار – وهو أكبر رقم يسجل في نصف أول من أي عام سابق، ما يمثل زيادة تقارب 500% مقارنة بما كانت عليه قبل أربع سنوات.
وأضاف سكوارشيك: “إذا كنت تريد تحقيق الأرباح والنمو، فإن السعودية هي المكان المناسب لذلك”.
وقد تضاعف عدد تسجيلات الشركات الأجنبية في السعودية خلال عام واحد، وتمت الموافقة على ثلاث عمليات طرح عام أولي (IPO) جديدة من قبل هيئة السوق المالية.
ويأتي هذا في وقت تعاني فيه بعض دول المنطقة من أزمات اقتصادية، ما صعّب على المؤسسين الوصول إلى التمويل، وجعل من الصعب على المستثمرين الأجانب استعادة أموالهم.
وقالت المديرة الاستثمارية في شركة رأس المال المغامر Flat6Labs دينا الشينوفي: “شهدنا خروجاً ملحوظاً من المؤسسين المصريين باتجاه السعودية. ففي الوقت الذي كانت تمر فيه أسواق عديدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بحالات من عدم الاستقرار، برزت السعودية كملاذ آمن”.
صورة تعبيرية (وكالات)
وفي إطار رؤية السعودية 2030 الطموحة لتنويع الاقتصاد، استثمرت الحكومة السعودية بكثافة في دعم قطاع التكنولوجيا المتنامي، مع هدف رفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي من 1% إلى 5% بحلول نهاية العقد.
وفي هذا السياق، أُطلقت برامج تدريب واستُثمر في مبادرات محلية لتعزيز المهارات التكنولوجية.
وأضافت الشينوفي: “كنا نواجه صعوبة في العثور على المواهب سابقاً. كنا نجد مؤسسين جيدين، لكنهم كانوا يعانون سريعاً في بناء فرق العمل الأوسع. أما الآن، فهناك وفرة في الكفاءات المتميزة”.
وتعد سهولة الوصول إلى رأس المال من أبرز الدوافع التي تدفع الشركات الناشئة للانتقال إلى المملكة. وقالت مديرة قسم الأبحاث في منصة Magnitt لبيانات رأس المال الاستثماري فرح النهلوي : “لاحظنا انتقال عدد كبير من الشركات الناشئة إلى السعودية على أمل إيجاد ممولين. هناك الكثير من المؤسسين اللبنانيين الذين يرغبون في التأسيس في السعودية لما توفره من امتيازات. كما شهدنا انتقال بعض الشركات من الإمارات إلى السعودية”.
وبحسب بيانات Magnitt، فإن نسبة الاستثمارات التي تأتي من داخل السعودية انخفضت من 50% إلى 40% خلال العام الماضي، مع تعويض هذا التراجع من خلال زيادة في الاستثمارات القادمة من الخارج.
ويأتي حوالى 30% من الاستثمارات من بقية دول الشرق الأوسط، تتصدرها الإمارات، بينما تتزايد نسبة الاستثمارات القادمة من الولايات المتحدة، وبدرجة أقل من أوروبا وشرق آسيا.
وتؤكد النهلوي أن نمو التمويل يبدو مستداماً، وتتوقع أن يشهد نمواً متسارعاً.
وقالت: “ما كنا نسميه قبل عامين ‘جولة A’ أصبح الآن ‘جولة B’. وما هو ‘تمويل أولي’ اليوم سيكون ‘جولة A’ خلال بضع سنوات. دورة التمويل بأكملها في تطور ونمو مستمر”.